|
قاعدة الحدث
ففي العام ٢٠٠٤ بدأ يطفو على سطح الغزو الأميركي للعراق تنظيم إرهابي حيث انبعثت في ذلك العام نسخة محدّثة وأكثر راديكالية عن تنظيم القاعدة لتستقر هذه النسخة المحدثة منذ ذلك التاريخ في العراق تحت مسمى قاعدة «الجهاد في بلاد الرافدين»، والتي كانت معروفة أكثر حينها باسم تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق الذي شكّله أبو مصعب الزرقاوي عام ٢٠٠٤ تحت حجج محاربة الغزو الأميركي للعراق. حيث إنه بعد تشكيل جماعة «التوحيد والجهاد الإرهابية» بتزعم الزرقاوي تلاها مبايعته لمتزعم تنظيم القاعدة الإرهابي السابق أسامة بن لادن ليصبح تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، إلى أن وصلنا لعام ٢٠٠٦ ليخرج الزرقاوي على الملأ في شريط مصوّر معلناً تشكيل ما يسمى مجلس شورى بزعامة عبدالله الرشيد البغدادي. وبعد مقتل الزرقاوي في نفس العام جرى انتخاب أبو حمزة المهاجر زعيماً للتنظيم الإرهابي مع تشكيل ما يدعى بتنظيم دولة العراق بزعامة أبو عمر البغدادي. وفي العام ٢٠١٠ تم اختيار أبو بكر البغدادي ليكون متزعم التنظيم بعد مقتل أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر علامات شيخوخة هذا التنظيم الإرهابي ظهرت لجميع متابعين مسيرة تكوينه وتمدّده في العراق، حيث أصبحت البيئة الحاضنة له في المدن العراقية وخاصة محافظة الأنبار غرب العراق تحارب وجوده فيما بينها، كما قلّت أعداد المنضمين له ولأفكاره تدريجياً بعد الانسحاب المبرمج الذي قام به الجيش الأميركي من العراق إلى أن جاءت أحداث الحرب على سورية التي بدأت عام ٢٠١١ ليعود هذا التنظيم الإرهابي وينشط على الأراضي السورية بعد العراق من جديد. ولحق بكل ذلك إعلان أبو بكر البغدادي إنشاء ما يدعى بـ «الدولة الإسلامية» في العراق والشام مستفيداً من التحالف مع بعض الجماعات الإرهابية المسلحة الموجودة في سورية التي أوجدت له بيئة خصبة تمدّد من خلالها في مناطق شرق وشمال شرق سورية. أبو بكر البغدادي كما يعلن عنه بوسائل الإعلام واسمه الحقيقي ابراهيم بن عواد بن ابراهيم آل بدري المولود عام ١٩٧١ في سامراء في العراق. مرّ هذا الشخص قبل تزعمه تنظيم «داعش» الإرهابي على العديد من التنظيمات الإرهابية في العراق. ما هي مصادر تمويل «داعش» الإرهابي؟ المصدر الأول لتمويل هذا التنظيم الأفراد والمنظمات الداعمة بالمال، والمصدر الثاني والأهم بتمويل داعش هو النفط، حيث كان التنظيم يتحكّم بالنفط من المناطق التي كان يفرض سيطرته عليها في سورية والعراق ويبيعه بشكل غير شرعي في السوق السوداء. استفاد أيضاً «داعش» الإرهابي أثناء دخوله العراق من الأموال التي سرقها من المصارف والتي تصل إلى ملايين الدولارات من البنك المركزي في الموصل، إضافة إلى معدّات وآليات عسكرية متطوّرة سرقها من القطع العسكرية التي انسحب منها الجيش العراقي. من مصادر تمويل «داعش» الأتاوات التي كانت تجنى في سورية والعراق من شركات نقل المشتقات النفطية ومحطات تعبئة الوقود والتجار والأسواق. وبحسب تقرير قدّمته الأمم المتحدة لمجلس الأمن إن تنظيم «داعش» الإرهابي يمتلك مبالغ تصل إلى ٣٠٠ مليون دولار من نهب خيرات وثروات كل من العراق وسورية. من اللافت للنظر في الحرب على سورية، تعدد أشكال الجرائم التي يموّل منها المجرمون نشاطاتهم، فمن تجارة الأعضاء البشرية، إلى سرقة النفط والغاز وبيعه بطرق غير شرعية، إلى سرقة الآثار وتهريبها وبيعها من خلال مزادات بعضها سري، وبعضها علني. وأصبحت هذه التجارة مصدراً أساسياً للدخل لدى الكثير من المجموعات المسلحة، مثل «داعش»، وهذا الأمر ليس جديداً، فالدواعش تاجروا بالآثار، المنهوبة من العراق وسورية، والتي تشمل الكثير من التماثيل واللوحات التي يعود تاريخها لآلاف السنين. وشهدت سورية عمليات نهب للآثار، خاصة في المناطق التي كانت تقع خارج سيطرة الجيش العربي السوري، مثل دير الزور والرقة ودرعا وتدمر وريف حلب، وهي مناطق حدودية مع دول الجوار تركيا والأردن ولبنان. وعلى الضفة الأخرى، يوجد ما هو أشد فتكاً وقساوة من النهب والسرقة، وهو التفجير والتدمير للآثار الثابتة ذات الحجم الكبير، ما يعدّ جريمة ضد الإرث التاريخي والثقافي والحضارة الإنسانية. وبما يتعلق بالذهب، فلقد بلغ حجم سرقة «داعش» لمعدن الذهب في العراق وسورية 40 طناً من الذهب الخالص. أما بالنسبة للدول الداعمة لجماعة «داعش» الإرهابية وطرق هذا الدعم فهناك ست دول تدعم «داعش» بالسلاح وتساندها وهي السعودية، وتركيا، وقطر، وبريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة + «إسرائيل». وفيما يلي مختصر عن دور كل منها في دعم هذه الجماعة الإرهابية. بداية السعودية: في 2006 حصلت السعودية على توجيهات مباشرة من واشنطن لإنشاء «داعش» ـ القاعدة، لمنع العراق من التقارب مع إيران. أما تركيا أتاحت للمسلحين الأجانب ممرّاً آمناً لدخول شمال سورية، وأنشأت القاعدة بالتعاون مع السعودية، وقادت جيش الفتح الإرهابي للهجوم على شمال سورية في 2015، واستضافت قادة المسلحين، ونظّمت عملية بيع النفط الذي تستولى عليه «داعش»، إضافة إلى تقديم العناية الطبية لداعش. وفي الفترة من 2011 ـ 2013 قدّمت قطر مليارات الدولارات للإخوان المسلمين المرتبطين بالمجموعات الإرهابية مثل مجموعة «فاروق» إف إس إيه، وبعد 2013 دعمت قطر تحالف جيش الفتح والمحور التركي ـ السعودي. وأمدّ الكيان الصهيوني جميع المسلّحين في سورية بالأسلحة والإمدادات الطبية وكانت «داعش» من بين تلك الجماعات التي حصلت على دعم «إسرائيل»، إضافة إلى نقاط التنسيق بمنطقة الجولان السورية المحتلة. وأمدّت أيضاً بريطانيا المسلحين في سورية، بالأسلحة للعمل بشكل مباشر مع جماعات القاعدة، واستمرت الإمدادات بصورة منتظمة لتلك الجماعات المسلحة. بالنسبة لفرنسا سارت على خطا بريطانيا في مدّ المسلحين في سورية بالسلاح بصورة منتظمة. أما الدور الأميركي في دعم «داعش» هو الأكثر شمولية، حيث وجّهت ونسّقت كل أنشطة الدول الداعمة لداعش، واستخدمت قواعد عسكرية في تركيا والأردن وقطر والعراق والسعودية لهذا الغرض. ووفقاً لمسؤولين عراقيين فإن الولايات المتحدة كانت تمدّ «داعش» بالأسلحة بصورة مباشرة عن طريق الإسقاط الجوي للأسلحة على مناطق «داعش». قصة «داعش» أصبحت جليّة لدى الجميع، مرتزقة ومجموعات مارقة تلهث وراء الدماء والمال، تنفّذ الأوامر وتتقاضى أجرها، وتقتل أطفالاً ونساءً وعجّز، بالمختصر «داعش» أداة أميركية بامتياز للضغط والابتزاز وتحقيق المصالح تحت ذريعة التحالف الدولي. |
|