|
شباب الشاب مازن (طب بشري) رأى أن مشكلة الصراع هذه تبدأ مع ازدياد ثقافة الشاب وتطلعه إلى العالم الواسع بانيا أفكاره ونظرته الخاصة التي قد تخالف نظرة الآباء وتضعه عندئذ في صراع مع أهله ومع المجتمع أحيانا. وهذا ما واجهه مازن مع والده الذي (يريد تكرار تجربته الخاصة مع أبنائه) حسب قول الشاب, الذي أضاف :(يستمر نقاشي مع والدي حول خلافاتنا مطولاً وقد يتقبل أبي بعض الآراء لإظهار الديمقراطية الأبوية ولكنه في الباطن هو ديكتاتور, سرعان ما يظهر ذلك عندما يفعل في النهاية ما يشاء..). إلا أن نظرة الآباء إلى السلطة الأبوية تختلف عما يراها الأبناء فهي في رأيهم ليست نزوعاً إلى التسلط والتحكم بالأبناء هكذا كان رأي (السيدة تغريد) التي قالت:(القيم والحدود التي نضعها لأولادنا أصبحت الآن تختلف بنظرهم, رغم أننا نحاول حمايتهم من مخاطر لايرونها هم فتجاربنا علمتنا الكثير, وهم بحاجة لتدخلنا الدائم في حياتهم لأنهم يظنون أن بتصرفاتهم وسلوكهم يتقربون من حضارة والثقافة العصرية إلا أنهم في حقيقة الأمر لا يأخذون سوى القشور, التي لا يمكن أن تصنع منها سوى المجتمعات المفككة). جولي ابنة السيدة تغريد (27عاما) تناقض رأي والدتها بقولها:(الاتفاق بيني وبين والدتي ضرب من المحال فنحن في زمن يتميز بسرعة التغير الاجتماعي والثقافي والاقتصادي, ونحن كشباب أكثر مرونة وتقبلاً لهذه التغيرات, إضافة إلى أننا نمتلك ثقافتنا الوعي اللازم وبالتالي نحن نستطيع الاعتماد على أنفسنا, وهذا لا يعني عدم تدخل آبائنا في بعض الأمور, ولكن يجب أن يدركوا أننا لم نعد أطفالاً). ربما كان قدر الآباء والأبناء الاختلاف في وجهات النظر, كنتيجة طبيعية لتطور الحياة وفهمها, إلا أن اندماج بعض الشباب مع ثورة وسائل الاتصال وأنماط الحياة الغربية بطريقة عمياء ومن غير وعي أحدث هوة ليس فقط مع الآباء وإنما مع بيئتهم أيضاً, خاصة لمن ينتمون إلى بيئة محافظة. ويرفض السيد (أبو رامي) تماما نظرة الشباب السطحية هذه, فيقول (الفهم الخاطئ للحرية والانحراف الأخلاقي ليس معياراً للتقدم والتحرر من التخلف الذي يؤمن به بعض الشباب, لا ننكر أن الجيل الجديد أتيح له التطلع إلى الثقافات المحلية والعالمية بأسرع ما يمكن وفيه ما يخالف نمط حياة الآباء إلا أن هذا لا يعني ألا نحاول محاورتهم ومناقشتهم ومشاركتهم في مشكلاتهم..). نمط تفكير (الأب أبو رامي),انعكس على نمط تفكير ابنه رامي (18 عاماً) فالشاب تقبل طريقة والده تماماً , وهم, كما يقول:دائماً يتوصلون إلى حلول ترضي كليهما وهو ليس مضطراً أن يكون شخصاً آخر أمام والده. يواجه الشاب محمد(إعلام) صعوبة في التعامل مع والده والحوار بينهما مستحيل يصل حد أن والده يوصل له أفكاره عن طريق والدته على عكس شقيقه الذي يتعامل مع والده كصديقين خاصة أنه يلبي كل طلبات والده دون اعتراض. أميرة (علم اجتماع)تنتمي إلى بيئة محافظة ولكن تعامل والديها معها يختلف عن تعامل والدي سوزان, تقول الفتاة: (والدايّ يمنحاني الثقة ولكن ضمن الحدود, ولكنني أحياناً اضطر أن أكون شخصاً آخر أمامهم وهذا أمر طبيعي..), هبة (موظفة) تضطر أيضاً أن تكون شخصاً آخر أمام والدها تحديدا فالحوار معه ممنوع, كما تقول الفتاة, وكلمته لايجب أن تصبح اثنتين بعكس والدتها التي تتقبل خياراتها ضمن الحدود المعقولة). لقد بات من الواضح أن الحوار والإيمان بالآخر هو الحلقة المفقودة بين الأجيال والتي من شأن غيابها زيادة الهوة بين جيل الآباء والأبناء, وستظل المشكلة قائمة بين الأجيال ما لم نجد أبناء لاينظرون إلى آبائهم بوصفهم جيلاً قديماً متخلفاً يصعب التفاهم معه, وآباء يميلون إلى الحوار مع أبنائهم ويثقون بقدراتهم.. وبذلك فقط تصير العلاقة بين الأجيال علاقة تواصل وامتداد لا قطيعة وإلغاء. |
|