|
شؤون سياسية يهدف القانون الذي أعلنه بوش مؤخراً السماح للحكومة الفيدرالية الأميركية والحكومات المحلية في ولاياتها وشركاتها بتصفية استثماراتها في السودان, وبخاصة النفطية منها. ويسمح لها أيضاً بالتطبيق وصولاً إلى معاقبة شركات أجنبية تنفذ مشاريع اقتصادية فيه. ويستكمل هذا القانون في حال التصديق عليه من قبل كل من الإدارة الأميركية والكونغرس, إجراءات عقابية اقتصادية سابقة مفروضة على السودان منذ عام ,1997 أدت إلى توقف نشاط شركات أميركية وأوروبية عديدة, وأثرت بمجموعها على استثمارات هذه الشركات, وعلى عملية إعادة البناء الجارية في السودان. وعلى الرغم من أن القانون الجديد يندرج في إطار ما سماه بوش (تحسينات) في أوضاع السودان من خلال فرض عقوبات على الحكومة الاتحادية في الخرطوم من جهة, ومواصلة الحوار الدبلوماسي معها من جهة أخرى, فإن الهدف من هذا القانون الجديد يتلخص في مواصلة واشنطن سياستها القديمة الجديدة المتمثلة في نظرية (العصا والجزرة). فإما أن ترضخ السودان لطلبات واشنطن في كيفية حل مشاكلها (إقليم دارفور, الجنوب.... إلخ), أو أن عليها أن تتحمل تبعات هذه العقوبات المتتالية, التي ترافقت, وللأسف مع صدور قرارات دولية, أقل حدة, إلا أنها غير متوازنة أيضاً. ويأتي هذا القانون الأحادي الجانب, مخالفاً للقرارات الدولية الأخيرة ذات الصلة بالسودان وإشكالياته, على علاتها ونواقصها وعدم توازنها, إذ وافق السودان على قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بنشر قوات مختلفة إفريقية- دولية (مينواد) في دارفور- شريطة ألا تندرج في إطار البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة- بهدف إثبات حسن نواياه, وفسح المجال لتعاطٍ إفريقي - دولي جدي ومتوازن مع ملف دارفور, وبالتالي إظهار حقيقة الأوضاع في الإقليم, وطبيعة التعامل الحكومي السوداني مع هذا الملف وسبل حل أزمته. الأكثر غرابة أن هذا القانون يأتي بعيد تطورات هامة يفترض أخذها بالحسبان منها: > تزامن إصداره مع بدء انتشار قوات ال (مينواد) في دارفور, وإعلان قادة هذه القوات عن تسهيل الخرطوم لمهمتهم, وتعاملها الإيجابي معهم. > عدم التزام الدول التي صوتت لصالح قرار نشر قوات (مينواد) والدول الأخرى المعنية بالملف بتعهداتها تجهيز هذه القوات ودعمها عسكرياً ومادياً. إذ اشتكى قائد القوات المختلطة من البطء الشديد في تحويلها, ومن عدم تسليحها بعد ب 24 مروحية ضرورية لعملها?! > فشل الدول المعنية بملف دارفور, وبضمنها ممثلو الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في إقناع عدد من حركات التمرد الدارفوري بالمشاركة في محادثات السلام المفترضة مع الخرطوم, وتالياً عدم إتخاذ أي إجراءات عقابية ضدها. كما لا بد من الإشارة في هذا السياق إلى أن قانون بوش الجديد يندرج في إطار العديد من المفارقات في المواقف الأميركية. وأبرزها تخطئة بوش متأخراً جداً لتقارير استخباراته التي (بررت) غزو العراق واحتلاله, وعدم تراجعه عن نتائج هذا الخطأ. مخالفة هذا القانون الجديد للقرار الدولي الذي ينص على تعامل إيجابي دولي مع طرفي أزمة دارفور في حال استجابتهما لقرار نشر القوات المختلط في الإقليم. فضلاً عن محاولة واشنطن تزوير الحقائق عبر تسليط الأضواء على قضايا مفترضة وخاطئة وتحويل الانتباه عن الإشكاليات الحقيقية في المنطقة وتجاهلها. فقد أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في لقاء المنامة الأخير, قبل بضعة أسابيع: أن التهديد يأتي من إيران, وليس من (إسرائيل)!!. ورغم فظاظة هذا الإعلان ومجافاته للحقيقة, ورفض العديد من المسؤولين الخليجيين له جملة وتفصيلاً, فإن بوش استكمل إعلان وزير دفاعه بتصريح حول هدف زيارته للمنطقة أشار فيه إلى أن الهدف الأساسي لزيارته يتلخص في اقناع زعمائها بأن المخاطر سببها إيران! وتالياً ضرورات الشراكة العربية- الإسرائيلية لمواجهتها! متجاهلاً أن (إسرائيل) المحتلة والعدوانية سبب الكثير من المشكلات الرئيسية في منطقتنا وفي العالم بأسره. فهل يتحفنا بوش بقوانين ومراسيم جديدة في زيارته لمنطقتنا أيضاً? * باحث في الشؤون batel-m@scs-net.org. ">الدولية batel-m@scs-net.org. |
|