تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وداعاً شاكر الفحام

معاً على الطريق
الخميس 3/7/2008
عبد النبي حجازي

في العام 1963 فوجئنا بوزارة التربية تنتهب منا أستاذ الأدب الجاهلي الدكتور شاكر الفحام ليصبح وزيراً, كانت العملية منغصة لأنه لم يكن مجرد أستاذ وإنما كان بتواضعه يشعرنا أنه أب, كما أننا كنا نراه أكبرمن هذا المنصب.

كان يكلف الطلاب بكتابة حلقات بحث عن مواد العام الدراسي منذ بدايته فاخترت الكتابة عن الشاعرين الجاهليين الأعشى (ميمون بن قيس) وطرفة بن العبد وكان يهتم بالأبحاث ويدرسها ويعلق عليها ويناقش الطالب بها بمشاركة زملائه.‏

كتبت البحث بمتعة لطرافة سيرة الشاعرين وقدمته له ثم اضطررت أن أغيب عن الجامعة بعض الأسابيع فقد كانت مشكلتي أنني كنت موظفاً ولم يكن يتاح لي الحضور إلا في أوقات متفرقة, وذات يوم فوجئت برسالة رسمية بلغتها عن طريق مكان عملي أن أراجع قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب في أقرب وقت بناء على طلب الأستاذ الدكتور شاكر الفحام, بدت الرسالة غير مألوفة لكنها أشعرتني بأهميتي وأهمية الجهد الذي بذلته كما أشعرتني بحرص الأستاذ عليّ, راجعته على استحياء واعتذرت له فقال مشجعاً » لكم عانيت أنا الآخر في جميع مراحل الدراسة, وكم كانت الضرورة تحوجني إلى العمل كي أتابع دراستي وكنت أثابر لا أيأس ولا أكل,إن طريق العلم أشقّ الطرق وأصعبها«.‏

في السبعينيات دعا اتحاد الكتاب الشاعر العراقي (شفيق الكمالي) وأقيمت له أمسية حضرها عدد من كبار الأدباء والشعراء والمفكرين فكلفت بتقديمه وأوردت في كلمتي مثلاً شعبياً معروفاً في الأرياف يقول» كل مسيَّر ضيف« وما إن نزلت عن المنصة حتى استدعاني الدكتور شاكر وأبدى إعجابه بالمثل وسألني عن المنطقة التي تتداوله.‏

إن شاكر الفحام من ذاك الجيل ,جيل الثقافة الموسوعية والبذل في العطاء بلا حساب,وكان الأبرز في (علوم اللغة)سعيد الأفغاني الذي كان متشدداً جداً في منح الطالب علامة النجاح ومنهم في علوم القرآن والحديث د.صبحي الصالح ود.صالح الأشتر, وفي النقد الأدبي د.شكري فيصل, ويعدون مع الجيل الذي تلاهم مباشرة: في الأدب د.عبد الكريم الأشتر وهو أول من ربط قسم اللغة العربية بالأدب العالمي والأدب العربي المعاصر و الحديث بعد أن كان محرماً في جامعة دمشق, ومنهم في علوم القرآن د.محمد سعيد رمضان البوطي وفي علوم اللغة د.مازن المبارك, ولقد تخرج تحت أيدي ذاك الرعيل جيلٌ تميزوا على أقرانهم العرب خلال عملهم بالتعليم في بعض الدول العربية الشقيقة, أيامها كان قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة دمشق في أعلى مستوياته.‏

لقد بذل شاكر الفحام- رحمه الله-ردحاً طويلاً من حياته في العطاء المتميّز والحضور القوي وكان عالمه الداخلي أكبر من عالمه الخارجي فلم أجده مرة يعنى بتسريح شعره, وهو يعد من القلة النادرة الذين جمعوا بين الفكر والمهام العلمية والمناصب السياسية ونهض بها جميعاً.‏

anhijazi@aloola.sy‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية