تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المد اليميني المتطرف يجتاح مفاصل الكيان الصهيوني

دراسات
الخميس 19-11-2009م
د. صياح عزام

شهدت الأوضاع السياسية والمجتمعية في «إسرائيل» تغيرات هيكلية كبيرة منذ أن طرح /شارون/ خطة فك الارتباط أحادي الجانب عام 2003 والتي أدت إلى تفكيك بعض مستوطنات قطاع غزة آنذاك في وقت لاحق.

وعلى أثر تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان صيف العام 2006 وتراجع ثقة الإسرائيليين في مؤسسات كيانهم ولاسيما بعد الكشف على قضايا فساد سياسي ومالي تورط فيه «أولمرت» بدا من الواضح تصاعد نفوذ تيارات اليمين المتشدد الديني بدليل تصاعد وتيرة التظاهرات الاحتجاجية لناشطي الاستيطان المتدينين في الضفة الغربية وزيادة أعضاء الكنيست من المنتمين لأحزاب اليمين الديني وتغلغل ذلك التيار المتشدد في جيش الاحتلال الإسرائيلي والمؤسسات البيروقراطية على حد سواء وتبني قطاعات واسعة من الرأي العام الإسرائيلي لأطروحات قيادات اليمين المتشدد حيال التسوية مع الفلسطينيين وأمن «إسرائيل» المزعوم.‏

واقع ديموغرافي جديد‏

لقد أصبح الوزن الديموغرافي للمستوطنين المتشددين وأنصار اليمين الديني من غير الممكن تجاهله، فتجاوز عدد المستوطنات في الضفة الغربية 145 مستوطنة يقطنها نحو 300 ألف نسمة يمثلون 4٪ من الإسرائيليين بعد أن كان عددهم نحو 105 آلاف نسمة عند توقيع اتفاق أوسلو عام 1992 كما نجح المستوطنون في إنشاء مدارس وجامعات تمزج بين التعاليم الدينية والتدريب العسكري وبإنشاء قوات أمن خاصة بهم تم تدريبها في قطعات الجيش الإسرائيلي وخضعت لإشراف وتوجيه حاخامات متشددين من اليهود.‏

تغيرات سياسية ومؤسسية‏

وشمل المد الديني بتأثيره ليس فقط سكان المستوطنات بل اجتذب قطاعات مختلفة من يهود «إسرائيل» وحسب بيانات (معهد إسرائيل) للديمقراطية فإن 32٪ من يهود «إسرائيل» ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و 30 عاماً ينتمون إما للتيار الديني القومي وإما للتيار الديني المتشدد على في حين تراجعت نسبة اليهود العلمانيين من 23٪ عام 1997 إلى 17٪ عام 2007 وإن عدد اليهود المتدينين يتجاوز المليون ونصف المليون بما يشكل 20٪ من عدد سكان الكيان الصهيوني.‏

وارتبط تصاعد الوزن الديمغرافي لمؤيدي اليمين الديني بتصاعد تمثيلهم في قطاعات (الجيش الإسرائيلي) فالمتدينون وخاصة من /الحريديم/ يخدمون في مستوطنات الضفة الغربية وغالباً كل منهم في مستوطنته.‏

ويقدر الباحث الإسرائيلي /ياغال ليفي/ نسبة المتدينين في الجيش بـ 40٪ كما ويقوم الحاخامات بدور متعاظم في الحرب والسلم وعلى سبيل المثال أثناء الحرب على غزة مؤخراً تم تشكيل وحدة دينية أطلق عليها تسمية «وحدة الوعي اليهودي» رافقت المقاتلين لتحفيزهم على قتل الفلسطينيين دون رحمة.‏

الاستيطان وضغوط الداخل‏

والجدير بالذكر هنا أن أنصار التيار اليميني المتدين يعتبرون أن قيام دولة فلسطينية مستقلة يشكل تهديداً لأمن إسرائيل ولا يقبلون بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، حتى إن تفكيك المستوطنات يعتبرونه خيانة إلهية وفق نصوص التوراة وكشف استطلاع للرأي أن 64٪ من المتدينين لا يقبلون بإنشاء دولة فلسطينية وأن 72٪ منهم يرفضون استئناف المفاوضات مع الطرف الفلسطيني.‏

وتفيد الدراسة التي جرت على ضوء الاستطلاع المذكور أن حكومة (نتنياهو) تتعرض لضغوط من ثلاث جهات هي: أحزاب اليمين الدينية مثل «حزب الاتحاد الوطني» الذي يطالب بإعادة المستوطنين إلى مستوطنات قطاع غزة وشمال الضفة الغربية التي أخليت حسب خطة فك الارتباط والذي يعتبر أن الفلسطينيين نظروا إلى خطة فك الارتباط بأنها ضعف من جانب «إسرائيل».‏

والجهة الثانية: هي طائفة الحريديم المتشددة التي يدفع، حاخاماتها باتجاه مواقف أكثر تطرفاً مثل دعوتهم لتحرير «شاليط» بالقوة ودعوتهم للاستيطان في الجولان المحتل للتغلب على غلاء العقارات في إسرائيل.‏

والجهة الثالثة هي: المجال الاستيطاني الإسرائيلي الذي يدعو لمقاومة أي تنازل للفلسطينيين حسب تصوره.‏

وهكذا يتضح مما تقدم أن حكومة نتنياهو التي أنتخبت بتأييد الأوساط اليمينية المتشددة والمتدينة تشدد وستشدد أكثر فأكثر على عدم القبول بأي تجميد للاستيطان تحت نصل هذه الضغوط، وخير مثال على ذلك أن نتنياهو أكد لوزيرة الخارجية الأمريكية «كلينتون» خلال زيارتها الأخيرة لإسرائيل بأنه يمكن أن يوقف الاستيطان أو يجمده بشكل جزئي في الضفة الغربية المحتلة بعد استكمال ثلاثة آلاف وحدة سكنية استيطانية جديدة مع مواصلة البناء الاستيطاني في القدس والبناء العام في المستوطنات,‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية