تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


انتصارات المستطيل الأخضر

أضواء
الخميس 19-11-2009م
عدنان علي 

  الاجواء التعبوية البدائية التي رافقت مبارتي  مصر والجزائر في اطار تصفيات كأس العالم،تقدم من زاوية معينة، مؤشرات طازجة

على خواء المجتمعات العربية، وانحسار مشروعاتها الوطنية الكبرى التي باتت تختصر في لعبة تنقضي في  90 دقيقة بين 22 شابا  يتراكضون وراء كرة في بقعة مستطيلة.     ‏

الاخطر ليس انشداد الملايين العربية، وشخوص أبصارهم نحو أقدام هؤلاء الفتية، بل الغثيان الاعلامي والتحشيد الشوارعي الذي ارتدى لبوس الوطنية هرجا ومرجا، لدرجة يخيل أننا أمام حرب حامية الوطيس توشك ان تندلع بين جيشين عدوين يرتفع بعدها أو ينتكس شرف الامة وكرامتها لأجيال مقبلة.‏

غزة المحاصرة، والعراق المدمر، ولبنان حين كان يدك بالطائرات، وكل قضايا الامة الكبرى، لم تحرك «الجماهير العربية» الا حياء وبشق الأنفس. بل ان هذه الجماهير لا تتحرك للدفاع عن قوتها اليومي وحقوقها المهدورة داخل بلدانها، بينما تخرج طواعية بالالاف، تحت تحريض الاعلام الاسود الذي استمات في تجييش العواطف واستثارة الغرائز نحو هدف غير واضح وغير مفهوم .. لنصل الى حشود تهتف  وتحطم وتتحدى .. ماذا ومن أجل ماذا .. لا أحد يعلم.‏

 ولكن .. ربما ان التمعن في هذه الظاهرة بعيدا عن مظهرها السطحي المزعج، قد يكشف عن صورة ايجابية كامنة تحتاج الى من يحسن توظيفها نحو أهداف أكثر عقلانية. فهذا التفاعل الواسع مع «شأن عام » من جانب ملايين الناس يشير الى أن هذه الملايين التي صدرت بحقها في أوقات سابقة الكثير من بيانات النعي، ورغم الضغط المعيشي، وعزوفها عن الشأن العام الذي احتكرته النخب السياسية والاعلامية، لاتزال مستعدة للمشاركة والتفاعل والالتفاف حول كل ما تعتبره قضية وطنية، وما تحتاج اليه هو السياق الصحيح لتوظيف هذا الاستعداد خدمة لأهداف عقلانية وحقيقية.‏

  ‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية