تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


زيت الزيتون «الخريج» ..بين أصالة الماضي ومقاييس الحاضر

تقارير
الخميس 19-11-2009م
نديم معلا

تعتبر شجرة الزيتون من أهم الأشجار المثمرة في سورية وزيتها أشهر الزيوت وأكثرها فائدة. وقد تطورت صناعته فانتشرت المعاصر الحديثة التي تعتمد مبدأ الطرد المركزي على حرارة لا تتجاوز 35 درجة

مما يحفظ خواص الزيت وفوائده، وأما الطرق القديمة التي تعتمد على الحجر وجهد الانسان والحيوان أيضاً فقد انقرضت.‏

لزيت الزيتون أصناف متعددة فهناك الزيت البكر الممتاز وهو العصير الطازج لثمار الزيتون خال من الشوائب والعيوب ولا تزيد نسبة حموضته عن 0،8٪ وهناك البكر الأول والثاني وزيت العرجون الناتج عن بقايا العصر ونجد زيت الخريج موضوع بحثنا ويتلخص مبدأ انتاجه على تعريض ثمار الزيتون لدرجة الغليان مدة نصف ساعة ليتم نشره وتعريضه للشمس والهواء لمدة 4-6 أيام ويعصر حالياً في نفس معاصر الزيت الحديثة.‏

يقول سميح خضور من ريف جبلة أن الطريقة القديمة لم تعد موجودة بسبب محدودية إنتاجها والجهد الذي تحتاجه وكذلك ارتفاع إنتاج الزيتون وقلة الأيدي العاملة والأهم دخول المعاصر الحديثة ذات الكفاءة والانتاجية العالية. وعن مراحل استخراج زيت الزيتون الخريج قديماً يقول:‏

أولا-ً تغلى ثمار الزيتون في وعاء كبير وقبل أن تنضج ترفع من الماء وتصف في سلال كبيرة، بعد ذلك تغرس على سطح مستو له حافة وينتهي بفوهة صغيرة لتصريف الماء.‏

ثانيا- يغطى مباشرة 3-5 أيام فيتخمر ويكشف عنه الغطاء ويترك ليجف في الهواء.‏

ثالثاً- بعد مضي ثلاثة أيام على تجفيفه تصبح حباته مثل الزبيب وجاهزة للعصر واستخراج الزيت منها.‏

وعن الطريقة القديمة لعصر الزيتون يقول: الآلة المستخدمة قديماً حجرية وتسمى «الباطوس» وتعمل على مبدأ طحن الحبوب وتتكون من حجر دائري ثقيل فوق سطح حجري مستو ارتفاعه بحدود 1م يجر الحجر الدائري إنسان وأحيانا حيوان، ويدور فوق حبات الزيتون حتى تصبح كالعجينة. توضع العجينة في أكياس صغيرة تسمى العلائق ترتب بعضها فوق بعض ويطبق عليها ثقل بواسطة رافعة يدوية فيسيل الزيت منها وتجمع في أوعية خاصة ويغسل الزيت المستخرج بالماء الساخن لامتصاص حموضته وإزالة العوالق والشوائب منه.‏

ويقول أبو سليمان زهرة رجل عاش تلك الفترة بكل ما فيها، إن عملية عصر الزيت بالطريقة القديمة كانت تشكل رابطاً قوياً بين الفلاح وأرضه فالأسرة كلها تشارك في هذه العملية بدءاً من الحقل حيث قطاف الزيتون مروراً بنقله وسلقه وفرشه على الاسطحه وتشميسه وتقليبه ونقله للمعصرة وعملية عصره، فزيت الخريج لم يكن موسماً لعصر الزيت بل موسم للتعاون وللجهد الجماعي للأسرة وموسم الخير والمحبة.‏

أما في الوقت الحاضر فزيت الخريج يستخرج في المعاصر الحديثة وبكميات قليلة وبأسعار مرتفعة وله زبائن وراغبون وأحياناً يتم خلطه بزيوت نباتية أخرى.‏

وعن خصائص زيت الزيتون الخريج يقول الدكتور أنور حاج علي اختصاصي العلوم الغذائية وأستاذ في جامعة دمشق: إن عملية غلي الزيتون وتعريضه للشمس والهواء يفقد الزيت معظم خواصه كالرائحة العطرية المميزة وبعض الفيتامينات بسبب الحرارة العالية كفيتامين c وفيتامين E مما يؤدي لتفكك سلسلة الأحماض فترتفع نسبة حموضته ويصبح سريع التأكسد ويتغير لونه الذهبي ويصبح أخضر قاتماً.‏

وبالنسبة لعملية سلق الزيتون فقد استخدمت لتسهيل عملية تكسير الزيتون واستخراج الزيت منه بتلك الآلات القديمة اليدوية.‏

ويضيف حاج علي إن فوائد زيت الزيتون كثيرة كقدرته على خفض الكولسترول والوقاية من أمراض القلب وتصلب الشرايين. والأسواق العالمية تشهد اهتماماً متزايداً بالغذاء الصحي كزيت الزيتون البكر والذي لا تزيد نسبة الحموضة فيه عن 3٪ ونسبة البروكسيد عن 20 ممليكا في الكغ وكلما انخفضت النسبة ارتفعت جودة الزيت والعكس صحيح.‏

أما زيت الخريج فنسبة حموضته بين 3،3 -5٪ ورقم البروكسيد 20-30 ممليكا في الكغ الواحد وهي نسبة مرتفعة جداً وغير مسموح بها حسب المواصفات العالمية المعتمدة لزيت الزيتون وحسب هيئة المقاييس والمواصفات في سورية فيجب مصادرة هذا الزيت ومنع الاتجار به ولكنه صالح للاستهلاك وغير ضار للصحة.‏

يذكر أن إنتاج سورية من الزيت بحدود 175 ألف طن وحاجة السوق المحلية 100 ألف طن سنوياً حسب وزارة الزراعة ومعدل استهلاك زيت الزيتون في الأسرة السورية 8-10 كغ للفرد الواحد وتختلف حسب المناطق لتبلغ في الساحل 20 كغ للفرد سنوياً أما في أوربا فمتوسط الاستهلاك 12 كغ للفرد سنوياً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية