تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قسائم المازوت المدعوم تتحول وبالاً على محطات الوقود..محروقــــات تؤكــــد أنهـــا تتجــــه للتغريـــم والمســـــاءلة

تقارير
الخميس 19-11-2009م
عدنان سعد

أثبتت تجربة قسائم المازوت الأسري المدعوم التي وزعتها الحكومة العام الماضي عدم جدواها، وبالتالي لم تكررها، ورغم تحميل فعاليات المحطات وزر السرقة والتزوير والتلف الذي اعترى قسماً من هذه القسائم، إلا أن شركة المحروقات

ما زالت تشهر سيفها لتسلطه على أصحاب المحطات التي شبهت حينها ببنوك تتولى تصريف شيكات قسائم المازوت المدعوم.‏

والآن وبعد مضي ستة أشهر على انتهاء العمل بهذه القسائم، تقوم المحروقات بمحاولة تغريم بعض المحطات بقيم القسائم المدعومة لعدم وجود تناسب بين القسائم المسلمة والاستجرارات.‏

فلماذا هذا الإجراء؟ وما حجة فعاليات المحطات؟ وكيف تبرر إدارة الشركة؟ وما الحلول المطروحة حتى من قبل فروعها ذاتها؟‏

تعميم ذائع الصيت‏

منذ نيسان الماضي نامت شركة المحروقات لغاية 3/10 الفائت عندما أعلمت فروعها بالرسالة الفاكسية رقم 613 والمتضمنة أنه بعد التصفية النهائية لقسائم الأسر في أكثر فروع المحافظات تبين أنها غير مطابقة لتعليمات الشركة.‏

كأن تكون قيمة قسائم الأسر المستلمة من أصحاب المحطات مع الدفعة النقدية البالغة 9 ليرات لكل ليتر والمأخوذة من المواطن المستجر للمادة أقل أو مساوية لقيمة استجرارات المحطات من المازوت شهرياً بدءاً من 3/5/2008.‏

وكل زيادة مستلمة من أصحاب المحطات لدفاتر قسائم الأسر تعتبر ملغاة ولا تحتسب رصيداً مدوراً للشهر الذي يليه كما لا يجوز استلام دفاتر قسائم الأسر تسديداً لقيمة استجرارات أصحاب المحطات من المشتقات النفطية الأخرى ضماناً لحقوق الشركة والخزينة العامة تحت طائلة المساءلة القانونية.‏

ضوابط المحروقات‏

تزامن بدء التعامل بقسائم المازوت الأسري من 3/5/2008 ولغاية 2/5 الماضي، مع جملة تصريحات حكومية وللمعنيين بقطاعي الاقتصاد والنفط تؤكد أن هذه القسائم منحة موجهة للمواطنين ويحق لصاحبها الاستفادة منها بالطريقة التي تلائمه.‏

ومع نهاية أول شهر بالتداول بها أصدرت المحروقات كتابها 257 تاريخ 28/5/2008 المتضمن الطلب من مالكي ومستثمري محطات ومراكز الوقود التدقيق والتأكد من استلام كل قسيمة مدعومة مستوفاة لجميع المعلومات عنها وفحصها على جهاز كاشف التزوير.‏

وأن تكون كميات القسائم الموردة إلى فرع المحروقات مساوية أو أقل من كمية المازوت المستجرة وعدم تسديد قيمة باقي المشتقات النفطية بموجب قسائم المدعوم مع التحذير من المتاجرة والسمسرة وسوء التداول وأن تقدم للفروع بجداول تستكمل فيها كافة المعلومات المطلوبة.‏

فوضى السوق‏

ويبدو أن صدى هذا التعميم جاء معكوساً حيث أحدثت القسائم فوضى غير معهودة في سوق المحروقات ونشطت السمسرة والمتاجرة بها وبيعها بسعر يزيد على قيمتها الحقيقية.‏

وعمد آخرون من أصحاب القسائم إلى تعبئة جزء منها وبيع الباقي، كما أصبحت وقوداً للسرافيس والفانات وغيرها من السيارات العاملة على المازوت.‏

ولجأ البعض إلى أسلوب السرقة والتزوير للدفاتر وبيعها للمحطات مقابل المنفعة المادية.‏

وأمام جهل فعاليات المحطات عن قصد أو غيره بأنظمة شركات المحروقات وبهدف تحقيق الكسب المادي، ساهموا في تكريس هذه الحالة من المتاجرة بالدفاتر المدعومة من خلال عدم التدقيق الشهري المتتابع من إدارة الشركة وفروعها بالمحافظات لضبط الايقاع.‏

واللافت أن بورصة هذه الدفاتر استمرت لغاية نهاية الموعد المحدد لاستلامها نظراً لاستمرار استصدارها بعد مرحلة الشتاء لكونها حقاً يجب أن يصل لمستحقه.‏

الاستلام إجباري‏

واللافت أن بعض أصحاب المحطات ونتيجة لتراكم القسائم المدعومة من المادة لجؤوا إلى رفض استلام قسائم إضافية، فلجأ أصحاب الدفاتر المدعومة لمراجعة مديريات التجارية الداخلية المعنية.‏

وحسب عينة من أصحاب المحطات أنهم تلقوا تحذيرات دوائر حماية المستهلك على محمل الجد والقاضية بعدم جواز رفض استلام أي قسيمة وتحت أي حجة.‏

ولدى السؤال عن آلية تعامل التجارة الداخلية معها كان الجواب أن تصريحات المسؤولين المعنيين هي المعيار، لا يجوز رفضها ومالكها حر التصرف بها وبالطريقة التي تلائمه.‏

وبالتالي أصبحت المحطات أمام خيار قسري ووحيد يتمثل باستلام القسائم من أصحابها تحت طائلة الشكوى والمساءلة، لتغدو أشبه بمراكز بنوك تستلم الدفاتر المدعومة بمثابة شيك قابل للصرف منها حصراً.‏

ومن المشاكل التي صادفت التعامل بالقسائم الأسرية أن بعضها مزور أو تالف أو مسروق ما اضطر صاحب المحطة إلى خسارة قيمتها ثانية دون مقابل ناهيك عن السؤال والجواب.‏

وقامت شركة المحروقات بتحميل المحطات المسؤولية الكاملة عن تلك الأعمال وحسم قيمتها من أرصدتهم الموجودة لدى فروع الشركة وهناك خسائر لبعض المحطات بمئات آلاف الليرات.‏

وبعد رفع سعر المازوت إلى 25 ليرة وجدت مشكلة أخرى تمثلت بلجوء السيارات العاملة على المازوت إلى استخدامها في التعبئة دون تسديد أي مبالغ إضافية.‏

أما في المناطق الباردة فقد عمد بعض أصحاب الدفاتر إلى استجرار كميات محدود من الدفاتر مقابل استبدال الفارق نقداً.‏

وأحدث التعامل بهذه الدفاتر عبئاً على المحطات من خلال إعداد جداول نظامية بأسماء وأرقام الدفاتر وختمها وتسليمها لفروع الشركة التي كانت تقوم بأعمال الجرد والمطابقة المفترضة.‏

تعليمات ولكن..!‏

نص كتاب المحروقات رقم 1564 تاريخ 4/5/2008 صراحة بالإشارة إلى قرار وزير الاقتصاد 1317 تاريخ 30/4/2008 بأن يصبح سعر قسائم المازوت المدعوم بمجموع عدد الليترات مضروباً بـ 16 ليرة.‏

إلا أن هذا القرار لم يذكر الآلية المعتمدة في تسليم القسائم المنزلية، كما أن قرار الشركة 257 تاريخ 28/5/2008 لم يذكر صراحة القسائم المدفوعة القيمة ولا شيء عن مخصصات الأفران مثلاً.‏

ورغم تأكيد الشركة بكتابها 341 تاريخ 29/6/2008 أن تكون كمية القسائم المدعومة الموردة إلى الفروع مساوية أو أقل من كمية المازوت المستجرة مع الأخذ بعين الاعتبار تسديد أصحاب المحطات قيمة المازوت النقدي المدفوعة من قبل المواطنين وهي 9 ليرات لليتر الواحد وباقي الدفعة قسائم مدعومة ليكون مجموعها مساوياً لقيمة طلب المازوت.‏

مثلاً: طلب المازوت يساوي 20 ألف ليتر وبالتالي يجب أن تكون الدفعة النقدية 180 ألف ليرة كحد أدنى والباقي قسائم مع استثناء الكميات المباعة للأفران ونقدي حصراً.‏

أي إن الشركة تأخذ القسائم المدعومة إضافة للفارق النقدي من صاحب المحطة وهذا القرار لم يذكر كمية تسليمات القسائم أو الأفران.‏

المفارقة‏

ومن الأمور المستغربة كتاب المحروقات رقم 560 تاريخ 6 أيلول الماضي والذي يؤكد أن تكون كمية قسائم مازوت الأسر مع الدفعة النقدية وهي 9 ليرات لليتر الواحد مساوية أو أقل لكمية الطلب المستجر وأن تكون تسليمات نيسان الماضي مساوية لاستجرارات الشهر الذي قبله بعد حسم الكميات الواردة في محاضر لجان الجرد وكل زيادة في تسليمات المحطات للقسائم عن كمية الاستجرار تعتبر ملغاة ضماناً لحقوق الشركة تحت طائلة المساءلة.‏

فكيف ستكون تسليمات الكميات المدعومة مساوية للشهر الذي قبلها وهناك قسائم جديدة تصدر دورياً؟ ومن جانب آخر دفع هذا القرار ببعض الفروع إلى إجراء الحسم الفوري للزوائد من رصيد أصحاب المحطات حتى لا تتعرض للمساءلة.‏

ردود متباينة‏

وهنا اختلفت آراء المعنيين بالمحروقات حيال هذا الواقع ولاسيما القرار 613 تاريخ 3/10 الماضي والمذكور مقدماً.‏

وأوضح مدير فرع اللاذقية أن هناك تجاوزات من قبل أصحاب المحطات لأن القسائم الأسرية لم تستخدم حصراً في التدفئة.‏

وأكد المهندس أحمد الشغري أن اللاذقية هي الفرع رقم 1 في بيع المازوت للمحطات أكثر مما تم استلامه من قسائم أسرية بأضعاف.‏

أما مدير فرع ريف دمشق فبين وجود فوارق بنحو 50 محطة لكن بمبالغ متفاوتة.‏

والحل الأمثل لهذه الإشكالية حسب المهندس منصور طه أن يتم احتساب فرق الكميات على أساس سنوي وليس شهرياً لأن الكميات الموجودة في خزانات المحطات تدور شهرياً.‏

وبينت المراسلات المتداولة بين فرع الحسكة وإدارة الشركة إلى عدم استلام قسائم أسرية تزيد قيمتها على استجرارات المحطات من المازوت.‏

محروقات حلب تقترح‏

لمعالجة إشكالية الزيادة في استلام القسائم الأسرية قياساً باستجرار المحطات من المادة أوضح مدير فرع محروقات حلب بكتابه للشركة رقم 3581 تاريخ 15/10 الماضي أن هناك تداخلاً في الأشهر لجهة استلام القسائم المنزلية وتنفيذ طلبات نهاية كل شهر.‏

وأن يتم استلام القسائم الأسرية على أساس طلب المازوت سعة 20 ألف ليتر فيما تكون قيمة الفاتورة أقل من سعر الكمية وهناك محطات عمدت إلى عدم التسليم الشهري للقسائم الأسرية بسبب البعد.‏

اقتراح مقبول‏

واقترحت محروقات حلب على إدارة الشركة اعتبار الفترة من 3/5/2008 ولغاية 30/4/2009 أو الفترة من 1/6/2008 ولغاية 30/4 الماضي أساساً في احتساب الفارق بين كمية استجرار المحطات من المازوت والقسائم الأسرية المقدمة للشركة. وعللت السبب بتأخر صدور تعليمات المحروقات إلى نهاية أيار 2008 وطالب فرع حلب بأن يتم استيفاء المبالغ المترتبة على المحطات من جراء تنفيذ هذا المقترح خلال مهلة أقصاها عشرة أشهر.‏

المحروقات ترفض .. وتؤكد‏

وسرعان ما رفضت المحروقات المقترح المذكور بموجب كتابها 668 تاريخ 28/10 الماضي مع تأكيد العمل بكتابها 613 تاريخ 3/10 الماضي.‏

وقال المهندس عبد الله خطاب مدير عام الشركة إن التعليمات واضحة وصريحة وكل مخالف سيتعرض للمساءلة الكاملة وإن الخلل من أصحاب المحطات.‏

لماذا يا محروقات؟!‏

جاء إصدار القرار 613 بعد انقضاء ستة أشهر على انتهاء العمل بالقسائم الأسرية وليؤكد أن كل زيادة مستلمة من الدفاتر تعتبر ملغاة ولا تحتسب رصيداً مدوراً للمحطة. والسؤال لماذا انتظرت المحروقات هذه المدة لتصدر قرارها، علماً أن لديها لجاناً للجرد الشهري والسنوي تقوم بمطابقة القسائم الأسرية مع جداولها المرخصة واستجرارات المحطات؟ وفي حال النفي، كيف كانت تسدد قيمة هذه الدفاتر؟‏

وإن حدث ووجد زوائد في الشهر الخامس من العام الماضي، فهذا يعود لغياب التعليمات الناظمة والتي صدر أولها في نهاية الشهر المذكور.‏

كما أن تعليمات القرار الشهير 613 تجاهلت عدة نقاط منها أنه لم يتطرق إلى موضوع القسائم المدفوعة القيمة ولا إلى مخصصات الأفران ولا إلى الزوائد الشهرية، ولدرجة أصبح تعديله أو الرجوع عنه من الفضيلة.‏

وإن ما غاب عن ذهن الشركة هو أن كانت هناك دفاتر قسائم أسرية زائدة على الاستجرارات، فماذا سيفعل بها أصحاب المحطات؟ هل يتلفونها بعد أن سددوا قيمتها؟ وهل هناك جهة أخرى معنية باستلامها سواهم أم ماذا؟!‏

حلول‏

في حال أصرت المحروقات على القرار 613 ورفضت الأخذ حتى باقتراح بعض فروعها، هل ستعمد إلى منح موافقات لاستلام الدفاتر الزائدة أسوة بموافقاتها السابقة ومهما كانت الحجة؟ أم تعمد إلى حلول أصحاب المحطات والمتمثلة بإعادة الدفاتر الزائدة والموثقة بجداول نظامية تحمل ختم كل محطة واسم المستفيد مفصلاً إلى المحطات تمهيداً لإعادتها إلى أصحابها واسترداد ما تقاضوا قيمتها التي ستغرم بها إدارة الشركة؟‏

لا ننكر أن المحطات تحملت أعباء القسائم المزورة والمسروقة والتالفة وسددت قيمتها هدراً، وبالمقابل بإمكان المحروقات أن تعمد إلى حسم التجاوز من المحطات شهرياً ولو بنسبة 10٪ مثلاً وعلى مبدأ حتى تطاع اطلب المستطاع أو تعمد إلى خيار فرع حلب لحل‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية