|
موقع conterifo يرى المؤرخ والكاتب وليم فاف أن البنتاغون يأخذ هذا الشبه في الحسبان أيضاً، مع فارق وحيد في الحجم، فمعظم العسكريين الأميركيين الذين يقومون الآن بإعادة كتابة التاريخ يعتبرون أن فيتنام لم تعد أنموذج الصراع الذي لا أمل فيه، ولكن هي من الآن فصاعداً الحملة التي كان من شأنها أن تنجح لولا خيانة الجيش من قبل الانهزاميين في المؤخرة. فهل لدى أوباما الشجاعة في أن يرفض مثل هذه الأداة التأريخية التي تريد الانتقام من التاريخ باتهام المجتمع الأميركي المدني بالتآمر في حرب فيتنام؟. أوباما لم يحدد بعد قراره بشأن الحرب في أفغانستان، ولكن ثمة ما يحمل على الاعتقاد أنه سيذهب مذهب المشورة العسكرية بسبب ضغوط خصومه الجمهوريين، وسيفعل ما يطلبه منه الجنرالات. ستانلي ماكريستال القائد العام للعمليات في أفغانستان طلب تعزيزاً بأربعين ألف جندي وقال إنه لن ينجح من دونهم، ولكن الرأي العام الأميركي يشعر بالشكوك في هذه الحرب ولا سيما ناخبي الرئيس الذين يرون أن الانتصار قد لا يتحقق ولو بعد عقد من الزمن. حرب فيتنام لقيت معارضة في السبعينيات على حين كانت الحكومة تعرف أن النصر بعيد، وفقاً لوثائق البنتاغون، ومع أن الرأي العام يشكك بالنصر في حرب أفغانستان، إلا أن معظم الأميركيين الذين لم يشهدوا حرب فيتنام، يقرؤون الآن نسخة عن تأريخ حرب فيتنام تزعم أنه لم تكن هناك هزيمة. ببساطة ثمة تأكيد أن المدنيين تراجعوا عن تأييد الحرب، وأن صحافة اليسار عملت على التفريط بتأييد الرأي العام داخل البلاد، ماأدى إلى انهيار الانضباط العسكري، داخل الجيش، والإحجام عن التجنيد الإجباري، وإلى اغتيالات، وانهيار في الروح المعنوية في القتال إضافة إلى الروح العدوانية لدى الضباط خلال المعارك وهذه هي الرواية التي يصدقها اليوم معظم ضباط الجيش، وهي النسخة الأميركية لأسطورة «الطعنة في الظهر» التي آمن بها العسكريون الألمان بعد الحرب العالمية الأولى، وفي حالة الولايات المتحدة، فإن هزيمة فيتنام قبل 35 عاماً كانت واضحة، وقلة من الأشخاص كانوا يعتقدون أن الكونغرس أو حكومة نيكسون التي وقعت اتفاق السلام مع شمال فيتنام آنذاك، كانا يخونان الوطن. واليوم، هذا التفسير المنقح لحرب فيتنام، يؤكد أن ثمة انتصاراً فائتاً أو مفقوداً. وبناء عليه وانطلاقاً من أن أغلب قادة البنتاغون هم اليوم من مؤيدي الحرب الطويلة، فإنه يتعين على إدارة أوباما ألا تصدر أي أمر بالانسحاب، وأن تمتثل لمجلس الحرب وذلك كي لاتلقى هجمات من الكونغرس والإعلام، ثم إنها قد تتهم في هذه الحال بأنها تسببت بإثارة تعابير تؤدي لعصيان في الجيش، أو تتهم بالاستسلام أو فقدان الوطنية وعدم أهليتها للحكم! فالمحافظون مقتنعون بأن أي سياسة لا تترجم بنصر كامل في العراق وأفغانستان وباكستان، وربما في الصومال واليمن وفلسطين أو في جنوب الصحراء الكبرى الإفريقية، أو حتى ضد إيران وطموحاتها النووية (السلمية)، ستكون ذلاً وهزيمة. في أعقاب حرب فيتنام أنهى الكونغرس التجنيد الإلزامي الذي كان مخيفاً للغاية: الفقراء والطبقات العاملة وقود الحرب، بينما المتحدرون من أسر ذات نفوذ فقد حصلوا على تقارير بعدم أهليتهم للخدمة العسكرية، من لدن أطباء، وبينهم من حصل على استثناء بعدم الخدمة الإلزامية كان يمنحه اساتذة الجامعات لبعضهم، من أمثال نائب الرئيس ريتشارد تشيني الذي كان لديه أولويات أخرى غير الحس الوطني. واليوم القرار الأكثر خطورة من أي وقت مضى، إنشاء جيش متمرس من المتطوعين المؤلف بفضل الكونغرس من أناس يرغبون في أن يكونوا جنوداً، أو في الحصول على تعليم جامعي يناله المتطوعون الذين يحملون شهادات ثانوية، والذين لافرصة لهم إلا بهذا السبيل. إضافة إلى المهاجرين والشبان الأجانب الذين يستطيعون الحصول على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة من خلال تطوعهم في الجيش الأميركي. علاوة على المرتزقة المجندين عن طريق مؤسسات خاصة. وهكذا فإن تكاليف التعليم العالي يمكن مبادلتها مقابل فترة تطوع في الجيش. وعملياً كان الجيش الأميركي منذ بدء الحرب العالمية الثانية حتى نهاية حرب فيتنام جيشاً ديمقراطياً يضم مجندين مدنيين، أغلبهم من صف الضباط، والضباط الذين يكونون مدنيين خلال فترة السلم و راسخي الجذور في المجتمع المدني ويؤدون الواجب بشكل مؤقت خلال الحرب. والجيش المؤلف من متطوعين ومحترفين اليوم له طموحات سياسية، ويهيمن على السياسة الخارجية الأميركية مع ألف قاعدة في جميع أنحاء العالم، مع قادة إقليميين هم قناصل للإمبراطورية. الجنرال ماكريستال، وقائده الأعلى الجنرال دافيد إتش بتراوس من المرشحين المحتملين للرئاسة في المستقبل وآخر جنرال أصبح رئيساً كان دوايت ايزنهاور، وهو الرجل الذي حذر الأميركيين من المجتمع الصناعي العسكري. ويبدو أن الحرب صناعة وطنية لأميركا بالنظر إلى جزء الميزانية القومية التي يستهلكها البنتاغون الذي يتمتع بسلطة قد تخلق أزمة سياسية مع الرئيس الجديد. |
|