|
شؤون سياسية فعلى الخريطة توجد أربعة ألوان تقرأ بأن السودان مقسم إلى تسعة أقاليم هي الخرطوم، كردفان، دارفور، الشمالية، الشرق، الجزيرة، الاستوائية، أعالي النيل، وبحر الغزال، وعلى زماننا هذا جرت إعادة تقسيم هذه الأقاليم إلى خمس وعشرين ولاية، أقيم عشر منها في الجنوب وخمس عشرة منها في الشمال.. ولكن كيف نقرأ هذه الألوان الأربعة التي وضعتها الخارجية الأمريكية على خريطة السودان؟ وكيف نفسر هذه المحاولات التي نعيشها مع حركات عديدة للتمرد على الحكم المركزي في الخرطوم، والتي كانت قد بدأت في الجنوب تحت اسم تحرير السودان وهي الحركة التي وقعت اتفاقية السلام مع حكومة الخرطوم مطلع العام 2005.. ثم مضت بذات الاسم وذات التوجهات في دارفور وتسعى لامتدادات أخرى!! وفي حقيقة الأمر لا ندري تحرير السودان ممن؟؟ تلك الألوان تشير هذه المرة إلى إعادة تقسيم السودان إلى دويلات أربع هي جنوب، شمال، شرق وغرب. لا نستغرب مثل هذا السلوك من الولايات المتحدة التي تحركها الصهيونية العالمية لتخريب الحياة في السودان، تخريب الأمن، وتمزيق النسيج الاجتماعي، وتقسيم هذه الدولة العربية الإفريقية المسلمة إلى دويلات يسهل التعامل معها متفرقة، ضعيفة، متحاربة ومتسابقة إلى أمها أمريكا لترتمي في أحضانها، كما نشاهد اليوم من المولود الجديد الأكبر الإقليم الجنوبي أو دولة جنوب السودان التي قيل إنها ستولد بأسنانها ولها كوادرها التي يجري إعدادها في أمريكا وغيرها، ولها سفاراتها وممثلوها حسب الأدوار التي توزعها أمريكا على الدول الأوروبية المتابعة لسياساتها لإعادة استعمار إفريقيا والعالم العربي، ولاستكمال نهب مواردها الاقتصادية البكر كما يقولون ولايتركون العالم يعيش كل حسب حظوظه وقسمته من الدنيا. وقد تم الإعداد لتنفيذ أكبر خطوة نحو قيام السودان المقسم لأربع دول وهو ما يجري على خطوات ثابتة.. حيث انعقدت قمة «لدول الإيفاد» وهي الدول التي تجمعت بمنطقة شرق إفريقيا لمعالجة قضايا التصحر ومشكلات الحياة في هذه الدول والتي أسقط على يديها قرار أسمته هذه الدول بمبادرة الإيفاد للتوصل إلى حلول لمشكلة جنوب السودان، وأسقط على يدها أيضاً قرار وقف الحرب والجلوس للتفاوض في اتفاقية موضوعة أصلاً من قبل جهات نعلمها جيداً، كانت عند بداية المفاوضات تسمي نفسها أصدقاء الإيفاد تعمل من خلف الكواليس ثم بدأت تظهر حيناً فحيناً في العلن ثم غيرت اسمها إلى شركاء الإيفاد وهم في حقيقة الأمر الإيفاد نفسها. الإيفاد هي: أمريكا، بريطانيا، فرنسا، ايطاليا، النرويج ومن خلف كل تلك الدول إسرائيل.. وعقب التوقيع القسري على الاتفاق كان الناس يظنون أن السلام قد جاء فاستبشروا كثيراً وتفاءلوا أكثر.. ولكن ظهرت الأجندة الخفية مباشرة عقب الانتهاء من التوقيع وقبل أن يجف المداد فبدأت الحرب في دارفور بذات مسميات حركة تحرير السودان، رغم أن الناس في السودان صدموا بظهور هذه الحركات وبذات المسميات والأساليب في الحرق والقتل والتدمير إلا أنهم تحملوا وصبروا وصمدوا في وجه الامتحان المحزن.. ولم يأت الوحي الإلهي لإدريس دبي لكي يهبط فجأة بالخرطوم ويعلن ضرورة عودة العلاقات السودانية التشادية .. ولم يأت الاتفاق الإطاري الذي أعقب عودة العلاقات رحمة بشعب دارفور أو إيماناً بكرامة مواطن دارفور أو حرصاً على تحقيق السلام ولم تظهر الشروط العجيبة التي أعلنها د.خليل زعيم حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور بمنع الحكومة أو الوسطاء في قطر من ضم الحركات المسلحة الأخرى إلى مسيرة الاتفاق، كل بل إن تلك أدوار مرسومة يلعبها الكل على مسرح العرائس العالمي وهناك من يقف خلف خشبة المسرح السياسي يدير حركة تلك العرائس حتى تبلغ الأجندة أهدافها ويجلس الجميع داخل ذلك المسرح الدوار... فيدور ويدور الكل بداخله دون ان يدري أو يشعر أحد بحركة دورانه.. وما اجتماع قوى المعارضة السودانية قبيل إجراء الانتخابات في (نيسان) الماضي وهم يرشحون ويسمون مرشحيهم سواء لرئاسة الجمهورية أم المؤسسات التشريعية في السودان ليتدارسوا مابعد الانتخابات !! وكيف يعملون جميعاً لإحراز الفوز عبر انتخابات حرة وشفافة وعادلة ، وإنما لإسقاط الرئيس البشير الذي يسعى الغرب كله لإسقاطه بكل السبل المشروعة وغير المشروعة .. ويلتقي قادة مايسمى بالإيفاد لتقويم مسار اتفاقية السلام وتقسيم السودان الواحد الموحد إلى دويلات صغيرة ضعيفة، مفككة .. ورغم أن الأمور كلها في هذا الشأن واضحة وبنود الاتفاقية قد تحولت الى دستور انتقالي جرى العمل بموجبه لإنقاذ كل متطلباتها وبنودها.. في خلاصة الأمر نرى أن الاتفاق على إنهاء التمرد في دارفور والذي تشهد العاصمة القطرية الدوحة جلسات مفاوضاته حاليا لن يكون مستحيلاً وسيتم إن كانت حركة العدل والمساواة الدارفورية جادة فيه لنبدأ جولة جديدة مع الحركات غير المتوقعة. وهذه أشبه بما يعرفه أهل السودان بحجوة أم ضبيبنة أي اعادة وإعادة الإعادة لدرس معلوم وممجوج!!. صحفي سوداني |
|