تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لا تصدقوا نتنياهو

هآرتس
ترجمة
الأثنين 26-7-2010م
ترجمة: ريما الرفاعي

في السابع من حزيران الماضي أبلغ رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك بأنه اذا وافق الفلسطينيون على بدء مفاوضات مباشرة

سيكون من الممكن خلال عام واحد الوصول معهم الى اتفاق سلام شامل. واضاف أنه مستعد لاتخاذ خطوات صعبة من أجل الوصول الى مثل هذا الاتفاق .‏

هذه الأقوال المفاجئة ينبغي قصها ولصقها الى جانب خبر نشر في السابع من تموز 1996، في بداية عهد الولاية الاولى لنتنياهو كرئيس للوزراء. فقبل 14 عاماً بالضبط اعلن نتنياهو في مقابلة مع شبكة «سي بي إس» : «سأفاجئ العالم مثلما فعل بيغن». حصل هذا عشية لقاء مع الرئيس بيل كلينتون، في ظل خلاف، حول الاستيطان أيضا.‏

ومنذ ذلك اليوم، كما هو معروف، يحبس العالم أنفاسه في ترقب لمفاجأة نتنياهو التي لم تحصل بعد. صحيح أن نتنياهو كان في تلك الفترة يستبعد فكرة الدولة الفلسطينية بينما نراه اليوم يتحدث عن حل الدولتين. وفي تموز 1996 قال نتنياهو: لا توجد أي قيمة لنزع سلاح الدولة الفلسطينية التي ستقوم لأنه لا يمكن ضمان أن يستمر هذا النزع بعد قيام الدولة. أما الآن فهذا النزع هو كلمة السر في مذهب السلام عند نتنياهو . ربما أن العمر أحيانا وربما التجربة يمكن أن تنطوي على مفاجآت صاخبة.و لعل نسخة نتنياهو عام 2010 تكون مطورة عن نسخة بيبي 1996؟‏

ورد في التلمود البابلي، أنه « ليس للقاضي إلا ما تراه عيناه». وهذا ينطبق على المحلل السياسي الذي لا يستطيع أن يحكم إلا على ما تراه عيناه وتسمعه أذناه. فقبل اسبوعين قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إنه في اطار المحادثات غير المباشرة نقل الى نتنياهو وثيقة مفصلة جدا عن الموقف الفلسطيني في مسألة الحدود. بل إن عباس اقترح ان ترابط في المناطق التي تخليها اسرائيل قوات أجنبية، مثل الناتو او اليونيفيل. وأبلغ الرئيس الفلسطيني ستة من الصحفيين الإسرائيليين كان استضافهم في مكتبه بأنه اقترح على اسرائيل ، من خلال المبعوث جورج ميتشل، استئناف عمل اللجنة المشتركة لمنع منشورات التحريض بين الجانبين.‏

وبدلاً من أن يحصل عباس على ردود موضوعية على مواقفه واقتراحاته، تلقى اسئلة عمومية، واجرائية، تتجاوز باستخفاف المسائل الجوهرية. ونتنياهو ليس مستعداً لأن يسمع كلمة واحدة عن تفاهمات اولمرت – أبي مازن، برعاية الرئيس جورج بوش. وصيغة التسوية الدائمة التي عرضها الرئيس كلينتون في كانون الأول عام 2000 والتي تشمل ضم بين 4 – 6 في المئة من الضفة وتبادل للأراضي، تتعلق بنتنياهو مثل اتفاق واي ريفر، الذي وقعه هو نفسه في تشرين الأول 1998 ويتضمن نقل 13 في المئة من مناطق (ج ) الى السيطرة الفلسطينية المدنية او الشاملة و لم ينفذه ابدا.‏

إذا احتكمنا الى ما قاله في نهاية لقائه الاخير مع نتنياهو وفي المقابلة مع القناة الثانية، فإن الرئيس الامريكي باراك اوباما، يؤمن بأن نتنياهو يريد السلام وهو مستعد للمخاطرة من اجل السلام. كما أن كلينتون هو الآخر عبر في تموز 1996 عن اعتقاده بأن نتنياهو سيواصل مسيرة السلام وسيتخذ خطوات صعبة لتحقيق هذا الهدف . ولكن من غير الواضح الى أي شيء استند كلاهما في رأيهما هذا بشأن نتنياهو . ويرى البعض أنه تكمن وراء العناق الذي منحه لنتنياهو مصالح سياسية ضيقة، حيث انتخابات الكونغرس القريبة. اما عندنا، كما هو معروف، فلا وجود لمثل هذه الامور، حيث ايهود باراك ورفاقه في نادي «مواصلة درب رابين» يجلسون في حكومة نتنياهو انطلاقاً من ايمان «صادق» بأن نتنياهو يعد لنا مفاجأة، والدليل هو الحفاوة التي حظي بها من جانب اوباما.‏

يجب أن نتذكر حكمة بلا رصيد أطلقها شمعون بيريز في تموز 1996، غداة زيارة نتنياهو الى البيت الابيض، حيث رأى ضرورة عدم الركون باطمئنان الى الابتسامات التي استقبلت رئيس الوزراء حينذاك في واشنطن لأن «امريكا هي دولة كثيرة الكياسة»، وأضاف من كان في حينه رئيس حزب العمل والمعارضة : «وعدوهم بمفاجآت وبراغماتية. ولم يحصل لا هذا ولا ذاك». وحذر بيريز آنذاك من ان سياسة نتنياهو من شأنها ان تعرض للخطر وجود اسرائيل برمته .‏

أما اليوم، فإن الحاصل على جائزة نوبل يبقي شفتيه مقفلتين. هو أيضا لا بد ينتظر مفاجأة على نمط مناحيم بيغن. اما نحن فنبقى مع بنيامين زئيف أدامه الله، طالما بقي يجلس الى جانب بنيامين نتنياهو ، وانسوا أمر المفاجآت التي تأتي أبداً.‏

 بقلم: عكيفا الدار‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية