تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ليست لدينا القدرة على صنع السلام مع سورية

هآرتس
ترجمة
الأثنين 26-7-2010م
ترجمة: ليندا سكوتي

يتعين عليكم أن تقرؤوا هذه العبارات بفهم وروية، وبعدها يمكنكم أن تحددوا موقفكم منها، إذ بتقديرنا ليس ثمة شفافية وتصميم أكثر وضوحا من ذلك : «موقفنا واضح وجلي فعندما تعيد لنا إسرائيل كل مرتفعات الجولان، فإننا سنوقع اتفاقية سلام معها.....

فما الفائدة من السلام لو كانت السفارة محاطة باستمرار برجال الأمن، مع عدم وجود علاقات تجارية أو سياحية متبادلة بين الطرفين؟ إن ذلك لا يمكن أن نطلق عليه سلاماً وإنما اتفاقية وقف دائم لإطلاق النار. وإن ما أخبره لكل من يُقدم إلينا للحوار في المسار السوري نحو السلام: أن ما نطمح إليه هو سلام شامل، أي وجود علاقات طبيعية بيننا».‏

قد تسألون عن قائل هذا الكلام، فأجيبكم إن من قاله هو الرئيس السوري بشار الأسد بحديث أدلى به لصحيفة السفير اللبنانية في الأسبوع الماضي. لكننا لم نجد في بلادنا من أعار هذا الكلام اهتماما وأخذه على محمل الجد. فهل من المسوغ أن نتجاهل هذا الكلام؟‏

كم مرة يتعين على الرئيس السوري أن يعرب ويعلن عن نواياه السلمية كي يوقظ الغافلين هنا؟ لكن على الرغم من التصريحات والمحاولات لفتح الأبواب التي توصدها إسرائيل بوجه السلام فإنه مازال يدعو تركيا لأخذ دور الوسيط بين بلاده وإسرائيل.‏

لقد كان من المسوغ أن تتصدر كلمات الأسد عناوين الأخبار في الأسبوع الفائت والأسابيع المقبلة، إذ إنه في الماضي كانت السعادة والبهجة تغمرنا جميعا عندما نسمع بأي كلام مماثل يصدر عن رئيس عربي، أما اليوم فإننا نتجاهل تلك التصريحات بصلف ووقاحة تنم بجلاء ووضوح عن أن إسرائيل لا تريد السلام مع سورية، وإنها تفضل الاحتفاظ بالجولان على تحقيقه مع دولة تعتبر من أكبر وأخطر أعدائها، وهي تفضل استبقاء المنتجعات بما توفره من أطعمة ومنامة ومياه معدنية وخمور والاحتفاظ بالمستوطنات على إجراء تغيير استراتيجي في الوضع القائم.‏

علينا أن نتخيل التغييرات التي يمكن أن تحصل إن خرجنا من أنقاض موقعنا الدولي لنوقع اتفاقية سلام مع سورية، وكم ستتغير المواقف تجاهنا بشكل مفاجئ، وكيف ستكون النظرة إلينا من قبل الدول والفئات المعادية، وربما يكون لهذا الوضع أثر بعيد في معالجة موضوع جلعاد شاليط، ذلك الجندي المختطف والذي تحتفظ به منظمة حماس التي تتخذ دمشق مقراً لها بشأن إطلاق سراحه. ألا يبدو لنا بأن ما سيتحقق سيكون رائعا؟ لكن إسرائيل لا تبذل جهودا في محاولة تحقيق ذلك، وعليه فإن رئيس الحكومة الذي يتجاهل هذه الفرصة لا يمكن اعتباره إلا مجرم سلام.‏

يتعين علينا أن نعقب المسيرة التي انتهت من أجل شاليط بمسيرة أخرى في هذا الأسبوع، ونحشد لها المشاركة والتصميم الكبيرين لدعوة الحكومة الإسرائيلية للرجوع عن مواقفها الرافضة للتوجه نحو السلام، وعلى المتظاهرين أن يصرخوا بأعلى أصواتهم ويعلنوا على الملأ بأنهم يريدون السلام مع سورية الآن. لكن بتقديرنا نرى بأن مثل تلك المظاهرة لن تحصل في الوقت الحاضر، أو في المستقبل مطلقاً. فالمطرب وكاتب الكلمات الغنائية شلومو ارتزي وزلومين ملتخا والمتظاهرون الذين كانوا معهم لن يقوموا بذات الفعل لدعم تحرك قد تفضي نتائجه إلى إنقاذ الكثير من الجنود والمدنيين. لماذا؟ لأن هذا الأمر يحتاج إلى شجاعة، ويشعرنا بأن الأسد كان على حق عندما قال لصحيفة لاريببليكا الإيطالية إن المجتمع الإسرائيلي يميل بشدة نحو اليمين، وليس لديه القدرة على صنع السلام مع سورية».‏

يقول رئيس الموساد إن الأسد لن يقدم على صنع السلام لأنه يكن العداء لإسرائيل. لكن علينا أن نأخذ بالحسبان قول الأسد «إن لم نستطع تحرير الجولان عبر مفاوضات السلام فإن تحريره سيتم عبر المقاومة». فهل من المنطق أن نتخذ موقف التحدي لما يقوله؟ وماذا يحتمل أن نخسره من دخولنا في مفاوضات السلام؟ لقد استخدم بعض رؤساء الحكومات الإسرائيلية ذريعة (لرفضهم التفاوض مع سورية) تقول إن الولايات المتحدة تعارض قيام السلام معها، لكننا نرى بتلك المقولة سذاجة وسخفاً منقطع النظير. فهل تعتقد إسرائيل بأن رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما يعارض السلام بين البلدين؟ وهو الرئيس الذي لم يتمكن من الضغط عليها بغية الاستجابة لمطالبه.‏

يبدو بأننا عدنا إلى أسلوبنا السابق في الرفض عندما قلنا :«إن الأسد لا يعني فعلا ما يقوله» لكن من دواعي الاستغراب والدهشة أننا عندما يطلق القادة العرب تهديدا ما نعتبرهم بأنهم يعنون ما يقولونه ومصممين عليه. لكن عندما يتحدثون عن السلام نقول: إنهم لا يعنونه فعلا، بل نقول:« عندما نعيد الجولان سيتحقق السلام على الورق فقط وسنكون عرضة للقذائف السورية». لكننا نلح ونصر في القول إن رئيس الوزراء يضيع فرصة تاريخية للسلام، ونحن نتثاءب غير مبالين بما يحدث. إن ما نطلبه هو أن يعلو المنطق القويم على أي منطق آخر. أليس ذلك ما نرغبه جميعا؟‏

بقلم: جدعون ليفي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية