تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءات في الصحافة الإسرائيلية... الجيش الإسرائيلي يغسل يديه من دماء أسطول الحرية

ترجمة
الأثنين 26-7-2010م
إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة

أحدث التقرير الذي تلاه على الصحافيين الجنرال غيورا ايلاند المكلف بالتحقيق في أداء جيش الاحتلال وخاصة القوات البحرية خلال عملية الاستيلاء على الأسطول ردود أفعال مختلفة ومتباينة حول سلوك قوات الاحتلال،

ففيما اعتبرته معظم تحليلات الصحف الاسرائيلية تقريرا عسكريا محضا بحث في الثغرات ونقاط الضعف التي كشفتها عملية مهاجمة سفن الحرية ،برأ التقرير في مقابل ذلك قوات الجيش البحرية التي قامت بالعملية من دم الشهداء الذين سقطوا في العملية ، لكنه غمز في الوقت نفسه من قناة بعض السياسيين والعسكريين أمثال نتنياهو وباراك وأشكنازي وبحسب عاموس هرئيل مراسل هآرتس العسكري:» إن تقرير ايلاند في قضية القافلة البحرية الى غزة يخرج الجيش الاسرائيلي بندوب معقولة طفيفة. صحيح أن رئيس الاركان غابي اشكنازي يخالف عدداً من استنتاجات التقرير يصفها بأنها شديدة جدا لكن اللجنة أعطته هو والجيش حكما يقرب من التبرئة».‏

تقييم سوداوي لوضع الجيش‏

لكن ما يقلق كثيرا من المحللين العسكريين ما حمله هذا التقرير من تقييم سوداوي لوضع الجيش الاسرائيلي بعد مرور أربع سنوات على حرب تموز وسنتين على حرب غزة:» لكن ما وصف بلغة لينة هي أقرب للاعتذار، في اللقاء مع الصحفيين، يشتمل على معطيات مقلقة عن الجيش الاسرائيلي في 2010، الذي كانوا يعدوننا منذ أربع سنين بأنه لا يوجد أي شبه بينه وبين الجيش الاسرائيلي كما كان في 2006. يبين التقرير صورة تفكير جماعي، تكاد تمتنع عن عمد عن أي نظر أصيل في المشكلة التي تواجهها. هل انتهى الاستيلاء على سفينة بواسطة النزول على حبال من مروحيات بنجاح خمس مرات في الماضي؟ هلم نحاول هذه الطريقة مرة أخرى حتى لو كان معلوما أن عدد السفن والركاب والخلفية العقائدية للمشاركين في القافلة البحرية الحالية تختلف عن كل ما لقيناه قبل ذلك. ويحدث هذا في حين كان الجيش يملك كل الوقت في العالم للتخطيط والاستعداد»كما يقول هرئيل.‏

ومن وجهة نظر محللين آخرين ،توجد سلسلة طويلة أخرى من المشكلات الثانوية، لم يستطع ايلاند الوقوف عندها في عرضه التقرير: التنسيق المشكل بين شعبة العمليات، وسلاح البحرية وأمان»الاستخبارات العسكرية» وبين لواء الاستعمال الجديد في أمان، (الذي أنشى هو أيضا على أنه جزء من دروس لبنان) وبين الوحدة الاستخبارية البحرية (وحدة استخبارية لسلاح البحرية)؛ وخصومات بين الأذرع في الجماعة الاستخبارية التي تصعب حتى الان صياغة منظمة لأوليات في جمع المعلومات الاستخبارية؛ وثقافة تنظيمية تقتضي جمع 500 نقاش إعدادي، مصحوب بما لا يحصى من ألواح العرض المدروسة، بغير إجراء جلسة جوهرية واحدة.لا ينبغي الخطأ. ليست عثرة القافلة البحرية هي حرب لبنان الثانية لا في شدتها ولا في آثارها. فلم يقتل في هذه القضية مدنيون إسرائيليون وجنود من الجيش. ولم تصب الجبهة الداخلية بصواريخ. إن ما يسبب الكآبة جدا كما نبه هذا الأسبوع شخص كان مشاركا في إجراءات تحقيق الحرب من قريب، أنه تبين أن اسرائيل بعد أربع سنين أيضا تفشل في تنفيذ مهمة يفترض ان تكون سهلة نسبيا.‏

الأضرار كبيرة لولا التغطية الأميركية‏

ويعترف تقرير ايلاند بالأضرار الكبيرة التي لحقت بإسرائيل ولولا التغطية الأمريكية لكان موقف اسرائيل أكثر بؤسا هذه الأيام:« إن القافلة البحرية قد أحدثت في الحقيقة ضررا كبيرا بإسرائيل في أوروبا والعالم الإسلامي. لكن أتى في هذه الأثناء احتضان أمريكا لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي خفض مستوى القلق. إذا تحققت نبوءة نتنياهو عن التجديد قريبا للمحادثات المباشرة مع الفلسطينيين، فسيخفت أيضا الانتقاد الأوروبي على اسرائيل. بعد احتضان الرئيس باراك اوباما تبدو حكومة نتنياهو مستقرة نسبيا، وسيكون ذلك على التحقيق اذا سجلت نجاحا في الساحة الداخلية أيضا‏

بإجازتها ميزانية لسنتين‏

عوفر شليح رأى بدوره ان التقرير لم يخرج بشيء يمس طريقة التفكير العسكري الاسرائيلية على ضوء ما أصاب هذا التفكير من تلف في الحربين الأخيرين :«لم يكن يجب على ايلاند هذا الأسبوع طلب استنتاجات شخصية، ولم يفعل ذلك. لكن تقريره الذي يمس – مثل تقارير كثيرة قبله – الأمراض الأساسية في التفكير والتخطيط في الجيش الاسرائيلي، قد وجد ميتا ومن جملة أسباب ذلك ان قيادة الجيش الاسرائيلي قد أرادته في الأساس لتحمي نفسها من استنتاجات كهذه. إن الشريط المسجل والطريقة التي بها زين الواقع الذي وجده هو نفسه، والحماسة التي استقبل بها التقرير قادة تحدثوا حقا عن نجاح مدير للرأس، كل ذلك يبرهن على أنه لم يتغير شيء في ثقافة الجيش.يعلمون في الجيش الاسرائيلي شيئا واحدا على نحو جيد وهو أنه لا سبيل أفضل لصرف الانتباه من إشعال حرب صغيرة مع وزير الدفاع وهو بخلاف الجيش سياسي ليست له شعبية. إن الاقتباس من رسالة اشكنازي في 13 أيار أفضى الى تسريب قبيح في حد ذاته من مكتب ايهود باراك. تناولوا في العناوين الصحفية حتى هذا المساء اشتعال الأمور بين المكتبين، مع تفوق لرئيس الاركان على وزير الدفاع.‏

ويضيف شليح قائلا :«يحسن ألا يثمل اشكنازي بانتصاره. فباراك خبير لا مثيل له بلجان التحقيق وهو ذو ذاكرة طويلة منتقمة. قد يكون من المحقق أن يحدد هذا الأسبوع الإعلان المبكر بهوية رئيس الاركان القادم والعارفون يقولون ان الحديث في بلاط باراك عن يوآف غلنت. ويحسن أن يجد من اعتمد على أشكنازي في جولة التعيينات الرفيعة التي يجب ان تحدث في وقت ما، أن يقامر على حصان آخر.سيخسر الجميع في هذه المعركة. لكن لا تقلقوا: كما اعتادوا القول في سلاح الجو سيخرج الجميع في التحقيق منتصرين».‏

إخفاق أدى إلى فك الحصار عن غزة‏

ايلاند يتهرب في تقريره بحسب أريه شابيط من تقييم العملية ويرى جازما بان عملية الاستيلاء على السفن كانت فاشلة بكل المعايير:«إن ايلاند في كلامه بعد ذلك، وبرغم أنه سئل بصراحة، تهرب من جواب ماذا كان يفترض أن يفعل رئيس الاركان إذا كان قد تخوف حقا من فشل العملية – ولا شك في أنها فشلت فشلا ذريعا، أفضى الى إزالة الحصار عن غزة بالقوة وإلى إحراز المشاغبين على «مرمرة» جميع أهدافهم. لم يقل ما سمعه الناس في الخارج عما يقوله بصراحة زمن النقاشات في اللجنة: وهو أنه إذا كان رئيس الاركان اعتقد ذلك، اذا لم يكن المستوى السياسي قد أنشأ خياراً آخر، فيجب عليه ان يطلب وأن يحصل على أوامر التنفيذ أو عدم التنفيذ. يجب عليه ان ينشىء بكل ثمن أبدالا تنفيذية وأن يهتم بأن تكون كلها في مواقع صحيحة للاختيار بينها – وتشتمل على خيار جعل «مرمرة» تمر. عندما عرض التحقيق على وسائل الإعلام والجمهور، لم يكن هذا الانتقاد هناك.إن عملية الاستيلاء بكونها عملية تنفيذية ليست مشهدا كبيرا في تاريخ الجيش الاسرائيلي. إن أهمية الحادثة في ضررها السياسي الظاهر الذي ما زالت اسرائيل لم تدفعه كاملا، وبما تكشف عن ثقافة الجيش» .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية