|
إضاءات وكأن العالم يتحرك بشكل دائري أو يعيش حالة من الستاتيك لذا نجدها وفي أحسن حالاتها تعيد إنتاج ماضيها بكل سلبياته وتعجز عن التحرك ولو في الحدود الدنيا في الاتجاه المطلوب, هذه الإشكالية مردها غياب التفكير الاستراتيجي الذي لايأخذ في الاعتبار جملة التحولات التي حدثت في العالم والمنطقة ودورنا نحن العرب وتحديداً سورية والمقاومة وشبكة العلاقات الإقليمية التي أوجدت واقعاً جيواستراتيجياً في المنطقة يختلف كثيراً عما ساد خلال ستة أو سبعة عقود مضت أنتج معادلات ووقائع على الأرض وكرس سلوكاً سياسياً وفلسفة في رؤية الأحداث في المنطقة إلى درجة أنها وصلت إلى حالة كادت تفرض واقعاً في المنطقة لا يمكن تغييره. بالتأكيد ليس الهدف من هذه المقدمة توجيه اللوم لأحد أو التغني بما أنجزته سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد خلال السنوات الماضية، فهذا معروف للعدو قبل الصديق، وإنما الهدف هو أن يتعامل النظام السياسي العربي ويتعاطى في حراكه السياسي مع الآخر سواء كان صديقاً أم عدوا آخذاً في الاعتبار جملة هذه الحقائق لتكون أوراقاً رابحة ومؤثرة في مواجهة هذه القضايا من موقع القوة وليس من موقع الضعف وهو يدرك تمام الإدراك الأرضية التي يقف عليها. إن قراءة بانورامية للأحداث خلال السنوات الماضية لا تشير فقط إلى تبدل في قواعد اللعبة, وإنما اللعبة ذاتها وفي الكثير من مكوناتها فالكيان الصهيوني الذي شكل مركز الثقل والتأثير في الحسابات السياسية في المنطقة لمدة تزيد على ستة عقود بدأ يفقد ذلك الوزن منذ هزيمته عام 2006، إلى درجة أن بعض الساسة والكتاب والباحثين في الشرق والغرب بدأ بطرح بعض الأسئلة المتعلقة باستمرارية وظيفة ذلك الكيان وفلسفة وجوده في ضوء التحولات التي حصلت في العالم والمنطقة ولا سيما بعد دخول العالم مناخاً جديداً من التنافس بين الدول لا يتأسس على حوامل إيديولوجية بل على اصطفافات مصلحية و معرفية . إن وضعاً جديداً في منطقتنا العربية وإقليمنا بشكل عام بدأت إرهاصاته الأولى تظهر واضحة على خريطة الأحداث منذ أكثر من خمس سنوات، وتبلورت بشكل واضح خلال السنتين الأخيرتين أهم ما يميزها هو بدء انتقال مركز الثقل والتأثير في المنطقة إلى دول وقوى جديدة وصاعدة في مقدمتها سورية وتركيا وإيران، وقوى المقاومة استطاعت بتنسيقها وتعاونها وعلاقاتها المتميزة انتزاع أوراق الضغط والتأثير وتحديد مسار الأحداث من القوى التقليدية والمتمثلة بأمريكا وإسرائيل التي احتكرتها لعقود طويلة لتقوم هي بضبط إيقاعها وتدوير زواياها والإمساك بخيوطها . إن الحديث عن دور محوري لهذه القوى الصاعدة لا يعني إطلاقاً أن الجبهة الأخرى قد أصبحت في حالة انعدام الوزن أو أنها قد أغمدت سيوفها واسترخت، ولكن للإشارة إلى أن تبدلاً في موازين القوى قد حصل و يجب تصعيده واستثماره وهذا يدخل في لعبة السياسة. إن الدعوة إلى تعاط جديد مع عالم اليوم وفق معطياته الجديدة والتقاط اللحظة التاريخية هي مسألة في غاية الأهمية بالنسبة للنظام السياسي العربي الذي كان ضحية ظلم وعسف لحق به وبأبناء الأمة العربية طوال عدة عقود شهدت حروباً باردة وساخنة نصبت خيامها وسط بلدانهم و دفع خلالها العرب فاتورة صراعات دولية من دمائهم وأموالهم ما عرقل مشاريعهم النهضوية وخططهم التنموية ما زاد في الفجوة المعرفية بينهم وبين أغلب دول العالم . |
|