|
حـــدث و تعـليــــق فالوقائع الإسرائيلية المتلاحقة تعطي انطباعا أكيدا أن قرار اقتحامه أو تدميره قد اتخذ بالفعل بانتظار اللحظة المناسبة، ولا ريب أن حالة الانقسام في الشارع الفلسطيني وكذلك حالة الضعف والتردد في الموقفين العربي والإسلامي بالإضافة إلى الصمت الرسمي الدولي ناهيك بالغطاء الذي توفره واشنطن لكل الجرائم الإسرائيلية كلها عوامل تشجع الإسرائيليين على ارتكاب هذه الحماقة الكبيرة. فمنذ نحو شهرين قامت وسائل إعلام صهيونية ببث فيلم يحاكي عملية قصف من الجو للمسجد الأقصى، وقبل أيام قليلة قام جيش الاحتلال بمناورة تحاكي عملية اقتحامه وقد استخدم فيها مجسم لقبة الصخرة، ما يعني أن الإسرائيليين مصممون على ارتكاب هذه الجريمة الخطيرة، وهم بمحاولاتهم المستمرة للنيل من المسجد إنما يختبرون ردة الفعل عند الطرف الآخر، ولاشك أن الإكثار من هذه المحاولات هدفه بالدرجة الأولى تدريب الفلسطينيين والعرب والمسلمين على تقبل حدث بهذه الخطورة وهذه الضخامة. فمن الواضح أن إسرائيل ماضية باتجاه التصعيد على كل الجبهات ولم يعد لديها أدنى رغبة بالسلام أو بالتفاوض إلا من باب كسب المزيد من الوقت لتثبيت بعض الوقائع على الأرض، وخاصة بعد أن اطمأنت إلى ارتماء أوباما في أحضان اللوبي الإسرائيلي المهيمن في أميركا، على أبواب انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس والتي يخشى أوباما خلالها أن تضعف الأصوات اليهودية والممالئة لإسرائيل حظوظ حزبه الحاكم بضمان الاحتفاظ بالأغلبية. بطبيعة الحال بات من الغباء السياسي المبالغ فيه التعويل على المفاوضات مع هذه الحكومة المتطرفة أو على موقف أميركي يعيدها إلى جادة السلام، أو يقلل من جنوحها باتجاه المزيد من العدوان، ولعل الأسلوب الأكثر جدوى في هذه المرحلة لمواجهة أي طارئ هو أن يلتئم شمل الفلسطينيين (ومن حولهم العرب والمسلمون) حول قضيتهم ومقدساتهم بحيث تشعر إسرائيل أن أي محاولة للمساس بالأقصى يمكن أن تفجر انتفاضة ثالثة ورابعة أشد وأقوى من سابقاتها ليقف الإسرائيليون مجددا أمام حقيقة أن أمنهم ووجودهم سيظل مهددا طالما استمر الاحتلال والعدوان. |
|