تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أطفال حقل الشوفان

رؤيــة
الأربعاء 22-2-2012
سوزان إبراهيم

ثم ماذا أيتها المدينة؟!

يظنون مركزهم هامشاً.. فيلهثون للدوران حول مركزٍ في مدينة.. تأكلهم المدن وتحيلهم إلى (حممٍ مطمورةٍ تنتظر ساعة انفجارها) كما قال «حكيم بك».. المفكّر والشاعر الأميركي «بيتر لامبورن ويلسون» الذي يوقّع كتاباته باسم «حكيم بك»..‏

في كتابه (منطقة محظّرة) يدعو لإعادة تأهيل فكرة الانتجاع القديمة التي تقول بضرورة مغادرة المدن في الربيع أو الصيف للعيش في الغابات.. إنه يستحث نزعة البداوة (الفطرة) فينا للبقاء في اتصالٍ مع الطبيعة.. هي دعوة لإنعاش الروابط بين الناس, ومواجهة كونٍ من التكنولوجيا الرقمية وعالم الإنترنت الافتراضي.‏

وفي رواية (الحارس في حقل الشوفان) للكبير د. ج. سالينغر, يتمنى بطله المراهق «هولدن كولفيلد» (المشمئز من الزيف حوله ومن كل شيء.. إلا من الأطفال) أن يغدو حارساً في حقل الشوفان, حيث (آلاف من الأطفال الصغار ولا أحد غيرهم هناك.. لا أحد من الكبار)  ليقف على الحافة الخطيرة ويمسك بهم ويوجههم إن حاول أحدهم صعود الهضبة.‏

ما عدد الذين يزدرون الحياة في المدينة وكلَّ الزيف الذي يغلّف يومياتها؟‏

ألم يكن ابتعادنا عن تراب الأرض وشجرها وكائناتها, وتحليقنا في فضاءات التملك, واللهاث وراء المصالح والشهرة والمال, والمناصب والتعالي والغرور والفساد وتضخم الأنا و....... ابتعاداً عن جوهر الحياة الحقّة؟ ‏

أتذكر موسيقا (يانّي) وكيف يمكنها أن ترفع معدل الشغف داخل النفس وتستثير النورانية فيها... أتذكر نزهة على الأقدام في يوم ماطر في زواريب دمشق القديمة... في التكية السليمانية.. وسوق المهن اليدوية.....‏

ويعضّ قلبي على نبضه, لأن الطرقات إلى ثلج دمشق الأبيض تزيّت بألوانٍ أخرى!‏

أيها الكبار... ابحثوا داخلكم عن أطفال حقل الشوفان...‏

suzan_ib@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية