تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حديث الوطن

حديث الناس
الأحد 6/11/2005م
خالد الاشهب

بالتجربة التاريخية ام بالوعي المعرفي ,يتفق الجميع على ان الوطن يأتي اولاً وقبل كل شيء آخر , بل وقبل اي طموح اخر , سياسي كان ام اقتصادي ام ثقافي , ويتفق الجميع ايضا ان اي نقاش او سجال , اذا ماكان موضوعه مصير الوطن , فينبغي بالضرورة ان يكون نقاشاً جاداً كل الجدية , نزيهاً وحيادياً وشفافاً, يسقط من حساباته كل المعارك الصغيرة وكل الطموحات المتواضعة , وكل الغايات الفردية والشخصية لكل منا , ذلك لسبب بسيط لايحتاج فلسفة او اجتهاداً او تأويلاً , وهو ان مصير الوطن مصيرنا جميعاً بالجملة وبالمفرق , وحين يستهدف الوطن نستهدف جميعا , كيفما كانت انتماءاتنا وولاءاتنا وطموحاتنا.

اذا كان ذلك صحيحاً , وهو صحيح بالطبع , فإن الشأن العام والهم الوطني , وفي هذه الحالة من الحصار التي تعيشها سورية اليوم , يصبحان شأناً فردياً وهماً شخصياً بامتياز , اذ يزول الفارق بين العام والخاص , ويذوب الفردي ويتماهى بالجماعي , لاسيما ان الاستهداف الخارجي المعلن لسورية ماعاد احجية تحتاج تفسيراً , ولا اغلفة من السلفان تحتاج تمزيقاً ليظهر مافي جوفها , فسورية الدور والمشروع باتت في سياق ذلك الاستهداف مرحلة في مشروع مقابل , مجرد مرحلة , ومطلوب , بل مفروض علينا جميعاً , الالتحاق بالمشروع المقابل اياه , بكل فئاتنا واطيافنا , لافرق بين واحد وآخر بيننا , الا بما يفيد في تنفيذ المشروع , مشروع التغيير الاميركي .‏

ليست المشكلة في المسطرة التي نقيس نحن الاشياء بها اليوم , بل في المسطرة التي نقاس بها وعليها , والتي تجعلنا مجرد ارقام على ذلك السلم المتدرج , الذي يراد لنا به التحول من حرارة المواصفة الى برودة الرقم , غير ان الامر لاينطوي على هذه القدرية الجائرة بحقوقنا جميعا كبشر وكأبناء وطن واحد , فثمة مخرج , بل لابد ان يكون ثمة مخرج , مهما كانت اللحظة التاريخية التي نعبر .. قاسية ومربكة وخطيرة ?‏

إنه ببساطة , التفافنا حول الوطن , اجل حول الوطن بما هو عليه وبمن هو متكون, ودون شروط , فكل تنازل ولقاء هنا حميد , وكل اختلاف وتنافر خبيث , شأننا شأن العديد من شعوب الارض ومجتمعاتها , حتى العدوة منها , يختلفون حول الطريق الى الوطن , لكنهم يتفقون بالمطلق على الوصول اليه ?‏

اجزم ان ماذهبت اليه هو الاهم بين احاديث الناس اليوم !‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية