تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أولى ضحاياها الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعاون الدولي..خبراء دوليون: «الشعبوية» تجتاح العالم وأبرز متزعميها ترامب وجونسن وأردوغان

وكالات- الثورة
صفحة اولى
الجمعة 26-7-2019
أضحت الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون على المحك في ظل الاجتياح المتزايد للتيار الشعبوي وتحوله إلى ظاهرة سياسية تغزو الكثير من دول العالم،

وبعد أن كانت نشأت «الشعبوية» متلازمة مع ظهور التيارات اليسارية، فنجدها اليوم تغزو الأنظمة الليبرالية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، إضافة إلى الكثير من الدول التي تحكمها حكومات مرتبطة بالنظام الغربي بشكل أو بآخر.‏

ويرى العديد من المراقبين أن من ضحايا الموجة الشعبوية المتفاقمة هو نهج العمل الدولي متعدد الأطراف والذي باتت إنجازاته منذ عام 1945 عرضة للطعنات المتكررة من الرئيس الأميركي ومن بعض نظرائه الآخرين، كما تتعرض الاتفاقات والنصوص والمؤسسات المتحكمة بالنظام الدولي لهجمات مستمرة، ومنها اتفاق باريس بشأن المناخ والاتفاق النووي الموقع مع إيران.‏

وبحسب هؤلاء المراقبين فإن أولى الانتصارات الباهرة للموجة «الشعبوية» التي تجتاح دولاً ديموقراطية تم تسجيلها بفوز خيار الـ»نعم» في استفتاء بريكست البريطاني في حزيران 2016، حتى قبل فوز الملياردير الجمهوري دونالد ترامب برئاسة البيت الأبيض في العام التالي.‏

وعلى هذه الخلفية يبدو أنّ اختيار حزب المحافظين البريطاني لمتزعم بريكست بوريس جونسون ليكون رئيساً لوزراء المملكة المتحدة يندرج في السياق الذي كان شهد أيضاً في أوقات سابقة صعود اليمين المتطرف في البرازيل ممثلاً بجاير بولسونارو، وفي إيطاليا من خلال ماتيو سالفيني.‏

ويشير مدير مجموعة أوراسيا للاستشارات يان بريمر لوكالة فرانس برس إلى أن مسؤولي نحو نصف دول مجموعة العشرين باتوا بالإجمال مؤيدين لترامب وأن عدداً منهم وصلوا إلى السلطة بعده، مذكراً ببريطانيا والبرازيل وإيطاليا واستراليا في عهد سكوت موريسون.‏

كما أنه يشير أيضاً إلى زعماء متواجدين في السلطة منذ مدة مثل رئيس وزراء الأرجنتين ماوريسيو ماكري ورئيس النظام التركي رجب اردوغان، وكذلك ولي عهد النظام السعودي بن سلمان.‏

ووفق توماس رايت من مركز بروكينغز في واشنطن فان رئيس وزراء بريطانيا الجديد جونسون يبقى متمايزاً بعض الشيء وقد يجد نفسه سريعاً غير مرتاح في النادي غير الليبرالي بحسب وصفه، برغم من أوجه التقارب بينه وبين ترامب، ويشرح رايت ذلك بالقول: إن جونسون شعبوي وراديكالي بشأن بريكست بالتأكيد، ولكنه ليس كذلك بما يخص مواضيع أخرى.‏

رايت يلفت إلى مسائل مثل التغيّر المناخي ونهج التعددية الدولية، ويقول: إنّ جونسون أكثر اعتدالاً بهذا الخصوص وقد يجد نفسه سريعاً في موقف محرج مع الرئيس الأميركي المفترض أنّه حليفه الرئيسي.‏

ويقول لويجي سكازييري من مركز الإصلاح الأوروبي في لندن: يجمعهم الأسلوب الشعبوي وهم بوضوح جزء من ظاهرة واحدة وأوسع، مضيفاً أن الناخبين في الولايات المتحدة وبريطانيا أو في إيطاليا يختارون سياسيين يتصفون بمشاعر معادية للهجرة وبخطاب يكون قومياً بصورة أو بأخرى، إضافة إلى رفض النخب التقليدية التي يجسدها التكنوقراط والخبراء.‏

ويشير سكازييري إلى أن هذه الظاهرة تجد جذورها في تفاقم انعدام المساواة وسط شعور بالتراجع يتخطى الطبقات الشعبية ليطال الطبقات المتوسطة، وكل ذلك يقترن مع الاستخدام الفعّال وبشكل لا يصدق لوسائل التواصل الاجتماعي.‏

وأدى بروز هؤلاء الفاعلين الجدد إلى ظهور تبعات عميقة على الشؤون العالمية، وفق سكازييري الذي يعيد ذلك إلى تشويههم صورة المؤسسات الدولية المتهة بتقويض المصالح الوطنية والسيادة.‏

ويبدو ممكناً الاستعانة بشعار دونالد ترامب «أميركا أولاً» ليصبح «البرازيل أولاً» و»إيطاليا أولاً»...وهكذا.‏

ولكن يبقى من الصعب الحديث عن تحالف مسؤوليين قوميين، شعبويين أو معادين للمنظومات القائمة، فهم بالتأكيد يمثّلون مجموعة على حدة، ولكنّها غير متجانسة وغير موحّدة.‏

وتبرز كمثال على ذلك استحالة تشكيل مجموعة برلمانية مشتركة عقب الانتخابات الأوروبية الأخيرة، لأنّ المسائل الاقتصادية أو العلاقات مع روسيا مثلاً تنقسم بشأنها الأحزاب الآتية من أقصى يمينية.‏

ويقول يان بريمر لديهم رايات مختلفة، ومصالح وطنية متباينة، مضيفاً أنه من السهل الوقوف في وجه العولمة والهياكل الدولية القائمة أو في وجه مبدأ التبادل الحر، ولكن ذلك لا يجمعهم حول شيء، بل يدفعهم بالأخص إلى الدعوة لتشديد الحدود الوطنية وزيادة الرسوم الجمركية.‏

ويختم الخبير بمركز الإصلاح الأوروبي في لندن سكازييري بالقول: إنها لعبة بلا نتيجة ستؤدي في نهاية المطاف إلى تقليص التعاون الدولي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية