|
ثقافة
وعندما يتوقف المسرح عن الظهور فهذه كارثة الواقفين على خشبة تحترق دون أن تنطفئ. في غياب واضح للمسرح العمالي في محافظة حماة لايتم فيه تحميل مسؤولية ذلك لأشخاص لأن المسرح يضم مجموعة متكاملة من اشارات الحياة من دقات القلب المتسارعة خلف الكواليس الى الظهور وجها لوجه دون رتوش ودون مونتاج.. هكذا يخرج الممثل متلبسا شخصية أخرى تختلف أو تقترب من شخصيته الاساسية واقفا أمام جمهور متنوع, مختلف و يمكن ان يرده في أي لحظة تعليق من هنا او هناك ربما يأتيه سلبا او ايجابا وهو في وسط العرض ومع ذلك لابد أن يكون متفاعلا مع دوره فقط ولن يهتم بأي رأي الا بعد انتهاء العرض. هذا شيء بسيط جدا لما يمكن أن يتعرض له الممثل المسرحي فما بالك عندما تكون الصالة سيئة التكييف وأجهزة الصوت معطلة.. الى آخر منغصات المسرح التقنية.
ومنذ فترة وجيزة حصل عبد الكريم الحلاق المخرج والمؤلف المسرحي على تقاعده الوظيفي وانتهت خدمته كمدير للمسرح العمالي في حماة لكن المسرح لايتوقف بقرار فما زال الحلاق يطالب بعودة المسرح رغم كل الأشواك التي تعترض الطريق لأنه كما قال: لم أر طريقاً وعرة أكثر من طريق الوصول إلى مسرح محترم وراق يريح أعصابنا قليلاً ويتخلص من خصومه ليبتعدوا قليلاً ويسأل: ألا يكفينا فقره وعدم الحصول على مورد جيد له متى نتخلص من هؤلاء الحاملين عصيا لوقف عجلة المسرح للعودة ؟. ويقول في حديث للثورة: يضاهي المسرح العمالي في سورية المسرح القومي الذي أسس لوجوده عمالقة المسرح والفن السوري, ويضيف: بعد أن كان المسرح العمالي منارة المسرح السوري يتوقف دون سبب؟ لايوجد قلة في المال ولاقلة في الكوادر ولا قلة في الأمكنة لماذا يتوقف ؟؟ بعد ستين عاما من وجود مسرح عمالي متميز جهزت حماة عرضاَ «اهم من السؤال» في عام 2018 لكن لم يتم تقديمه وكان آخر عرض هو في العام 2016 قدمت فرقة المسرح العمالي بعنوان «الموعد» علما أن مسرح حماة كان قد فاز بعدد من الأعمال منها: اللعبة المرفوضة, ليلة القتلة, الموعد, هواجس مسرحية. يتابع: لم نتوقف عن العمل وكنا نقدم في كل المهرجانات عروضنا وتحضره كافة الفعاليات والأسماء الفنية الكبيرة في عالم المسرح السوري ومازلنا نعلن عن استعدادنا الدائم لتقديم العروض فالكوادر موجودة والخامات موجودة وصالة المسرح في نقابة العمال يمكن الاستعاضة عنها بمسرح نقابة النقل البري في ساحة العلميين لتكون مركزا للأنشطة العمالية. ويضيف الحلاق: بالرغم من أن كوادر المسرح تركت المسرح حاليا لعدم وجود عروض الا أنها على استعداد للعودة بشكل فوري اذا تم الايذان بذلك, لأن الالفة التي تجمعنا مع المسرح لاينساها الممثل ولا المخرج ولا الموسيقي ولا حتى عامل الاضاءة لأن أكثر مايربطهم بالمسرح هو الحب والهوس به وبساعات التدريب وبالشخصيات التي يعيشونها لفترات طويلة, ويؤكد الحلاق: أن هوس المسرح يسري في كيان العاملين به الاأن الغربة مكانها ومع ذلك, لكن نحن لانجافي المسرح لأننا سنشعر بغربة عن الحياة التي نعيشها وهمنا كمسرحيين ان تعود الحركة المسرحية العمالية لتعيد الحياة الى صالاتنا والى الجمهور العاشق للمسرح اضافة الى حاجتنا الى أن نتبادل العروض مع المحافظات الأخرى وهذا أمر باعتقادي لايحتاج الى ميزانيات ضخمة. رأي مسرحي قبل سنوات طويلة اعتبر الفنان سمير الحكيم من مؤسسي الحركة المسرحية في حماة وقبل 2003 وهو عام وفاته كتب عنه الفنان والمخرج المسرحي كنعان البني مقالا مطولا ولقاء مسجلا في موقع «المهرجانات العربية» وعن قراءته يعتقد القارئ أنه كتب منذ أيام وكأن الحكيم مازال حاضرا ولو كان موجودا لأعاد ماكتبه ولطالب بما طالب به منذ لايقل عن ربع قرن: قال الحكيم على موقع المهرجانات العربية: وحتى الآن لم يتحقق لمسرح عربي جاد شباك تذاكر يحقق موارد تتوافق مع ما يتطلبه المسرح من ميزانية تسد نفقات العرض المسرحي،وتؤمن دخلاً معقولاً للعاملين فيه، ولا زال المسرح الحقيقي بحاجة إلى رعاية المؤسسات المعنية له مادياً ومعنوياً. للأسف المسرح بالمعنى الذي نعرفه له وبعيداً عن تلك الأعمال اللا مسرحية التي تقدم تحت ظل المسرح, لا زال بعيداً عن تحقيق انتشاره الجماهيري الذي يحقق له تسديد مصاريفه وأعبائه، والمعادلة ذات طرفين.. أولاً على المسرحيين أن يعملوا ويجدوا لإيجاد ذاك الخطاب المسرحي الذي يعمق جذور تواصلهم مع الناس والجمهور الواسع العريض، وثانياً على المؤسسات المعنية ان تمد يد العون والمساعدة للمسارح الجادة والمسرحيين الذين يعملون بصدق وإخلاص.. ليتمكنوا من متابعة مشوارهم.. فمن غير المعقول التعامل مع المسرح كالتعامل مع أي سلعة وإنما لا بد من اعتبار المسرح مشروعاً حضارياً وثقافياً, وعلى جميع الجهات التي تعمل من أجل رفعة الوطن أن تتبناه وتتيح له سبيل الحضور والتطور, المسرح في بلادنا لايزال يحتاج إلى مؤسسات ترعاه، فمهامه أكبر من أن يحملها فرد أو مجموعة أفراد, فهو مهمة عامة في أهدافها وفي رعايتها. |
|