|
الاحد28-7-2019 وصولاً بالتأكيد إلى اللحظة الصعبة جداً، وهي لحظة إقفال النص.. ولعلّ هذا ما جَعَلَ القاص كيروغا يقول: (لا تبدأ الكتابة دون أن تعرف منذُ الكلمة الأولى أين تسير. في قصّةٍ جيّدة السطور الثلاثة الأولى لها نفس أهميّة السطور الثلاثة الأخيرة)؛ وهذا ما دَفَعَ هانز أوستروم لكتابةِ مقالةٍ كاملةٍ حول خيارات افتتاحِ قصّةٍ قصيرة، وقد خاطبَ القاصَ منذ السطور الأولى: (لا يمكنُ لِقصّتكَ أن تبدأ (كيفما اتفق) إن افتتاحها يقرّرُ الإيقاعَ، المهارةَ، الصراعَ، ومن ثمَّ استمراريّة القراءة في المتابعة) ثُمّ يشبّه الجملة الأولى بالنقلةِ الأساسيّة في لعبةِ الشطرنج، فإن افتتاح القصّة القصيرة يخلِقُ الشكلَ والإيقاعَ لما يليه، إن هذا الافتتاح هو الخطوة الأولى نحو النجاح أو الفشل، والحقيقة أن استعراضاً سريعاً لمعاناةِ القصاصين مع افتتاحيات قصصهم تُرينا أن بعضهم قد أنفق ساعاتٍ طوال، وتلبّثوا أياماً وربما أكثر بغية العثور على الافتتاحيَّات المثاليّة قبل المضي قُدُماً في بناء النص، وهذا ما كان يحدثُ مع ماركيز على سبيل المثال لا الحصر، فقد كانت أصعب السطور في كتابة القصة لديه هي الثلاثة الأولى فإذا ما أنجزها انطلَقَ فيما بعد بيسرٍ يبني نَصّه.. والأمر نفسه في تعامل ماركيز مع كتابة الرواية فقد كان (يعتبر أن السطر الأوّل إن لم يكن صحيحاً فإنَّ كل ما يليه سيكون بلا فائدة، لذلك كان يصرف سنة كاملة على كتابةِ الفصل الأوّل من الرواية، وما إن ينتهي منه حتى ينجز ما تبقّى من الكتاب بسرعةٍ قياسيّة)، ويؤكد هانز أوستروم في مقالتِهِ التي أشرنا إليها آنفاً أن بعض الكتّاب المبتدئين هجروا كتابة القصة القصيرة بسبب الإحباط الذي أصابهم جرّاء عدم قدرتهم على خلق افتتاحيات جيّدة لقصصهم.. والأمر نفسه ينسحبُ على خواتيم القصص القصيرة، حتى أنّ كيروغا (يروي أنّه وجدَ مَرّةً صديقاً لهُ معروفاً في إجادةِ كتابة القصّة، يبكي وهو منكبٌ على كتابة قصّةٍ لم يستطع أن يضع نهاية لها. كانت تنقصه فقط الجملة الأخيرة، لكنّه لم يكن يراها، كان يبكي ولم يكن يستطيع أن يهتدي إليها). |
|