تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حوار الفضاء.. مابين «مريم» و«سيدة الياسمين»..

ثقافة
الثلاثاء31-5- 2016
هفاف ميهوب

سوريَّةٌ.. حدّ التماهي ولعاً بأرضِ الهوى وأصالة الانتماء.. حلَّقت بها الغربة إلى أن حطّت بها بعيداً ودون أن يتوقف قلبها عن النبضِ بالشآم التي حملتها أيقونة حياةِ، عطرها الياسمين ورمزها الضياء.

إنها الشاعرة «مريم شاهين رزق الله».. المقيمة في «استراليا- ملبورن» منذ أكثر من ثلاثين عاماً، والتي كان أكثر ما ألهمَ حرفها، الفراقُ والشوق والحنين. أيضاً، الحب الذي حملته لبلدها في أضلعها، والذي لم تتوقف عن سكبهِ في كل قصيدة من قصائدها التي وجدناها منتمية جداً لوطنها، ولأبنائه السوريين..‏

هذا ما وجدناه بعد أن قرأنا ما نشرته على صفحتها ناصعة الوفاء، ما دفعنا للسعي إلى لقائها وسؤالها عبر الفضاء:‏

• من يُتابع منشوراتكِ يلفتهُ جرعة الحنين لكلِّ ما في وطنك. يلفته أكثر، قيامكِ وفي نهاية كل خاطرة أو قصيدة، بالإمضاء بكلمة «شامية أنا».. من أنتِ بالإضافة إلى كونكِ متَّشحة بسوريتك؟.‏

•• عندما يكون إمضائي «شامية أنا» فهذا يعني انتمائي المطلق لسوريتي، ومن أكون.. من جبل الشيخ جذوري.. من قرية «عرنة» المتربعة في سفح جبل الشيخ الشامخ، وأغصاني معلوليه. «تزوجت من معلوﻻ.. من رفيق روحي الغائب-الحاضر ميشيل رزق الله»..‏

بقاسيون وفيت نذوري.. تربيت وترعرعت في مدينة دمشق، وفيها تعلمتُ وعلَّمت في ثانوياتها، وكنت أقدس مهنتي. دقة قلبي شاااااامية، أحملها في حلّي وترحالي ولن أتنازل عنها مهما كانت الظروف.‏

• تقولين في إحدى قصائدك: «صارَ للشوقِ لهبْ ورماحٌ لا تخيبْ.. ما على القلبِ عتبْ لو يحنُّ للحبيبْ».. إلى أي حدٍّ أحرقك الشوق وأغمد رماحه عميقاً في وجعك، ولمن كل هذا البوح؟.‏

•• وطني حبيبي، وحبيبي هو وطني، واليوم أشعر بأن ﻻحبيب لي وﻻوطن، فقد أذابتني ألسنة الشوق وآلمتني رماح الغربة، وما زاد في وجعي وأنيني، ما يعانيه وطني من ذبح وقسوة ودمار، وعلى كافة اﻷصعدة.‏

يخذلني الأمل أحياناً، ويتلاشى في كياني، فأعود وأحييه من نظرة طفل، ودمعة أمّ، وقبر شهيد. أُحييهِ رغم البعد، وأبثه من صدق مشاعري، ولهفة جوارحي، وأحتضنه من جديد وأمنّي النفس بحلمٍ حقيقي يمثل الحبيب والوطن، وأستعيد بسمتي الجريحة.‏

• برأيك، هل تكون جرعة الحب والحنين في حياةِ ومشاعر المغترب، أكثر تدفقاً ووجوداً، مما هي عليه لدى المقيم في الوطن؟.‏

•• الحب والحنين، لا يقاسان بزمن أو تحددهما مسافة، إنما للغربة مرارة مزدوجة، البعد عن الوطن، وآﻻم الوطن.. في المغترب تتأجج المشاعر وتتدفق. كلنا نملك اﻷحاسيس وكلنا يعبر عنها بطريقته.‏

بالنسبة لي، أتألم ﻷنني وعدت نفسي، ومرابع ذكرياتي بالعودة. لكن الظروف الحالية أوقفتني ولفترة فقط، ورغبتي بالعودة ﻻ زالت جامحة، لذلك يرهقني البعد، وتؤلمني أوجاع الوطن.‏

• هل ترين بأن دور الأديب أو الشاعر، قد أوفى الوطن حقّه ببلسمته وعياً وإبداعاً يردَّا عنه جُهّال هذا الزمان وقتلتهِ والموغلين طعناً فيه، وبما أفقد الإنسان عقلنته؟.‏

•• لكل إنسان مخلص، شريف، دوره في بلسمة جراح الوطن. لكل منا مشاعر وأحاسيس وخيال، والشاعر أو اﻷديب، لديه موهبة تصوير هذه المشاعر وسبكها بقالبه وبراعته لتوصله إلى الهدف والقصد، وله أيضاً، دور في إضاءة الحدث وإبرازه بالشكل اللائق والفعال، وبخطوط عريضة، وصور نافعة بناءة، تحمل ملايين الشموع لتسحق الظلام في وجه خفافيش الليل.‏

• عملتِ على تشكيل مجموعة «المرأة السورية».. ماهدفكِ من هذه المجموعة، وهل ترين بأن المرأة السورية قد لعبت دوراً إبداعياً مقاتلاً، أثناء هذه الحرب البشعة على سوريتها؟.‏

•• كان لتشكيل مجموعة المرأة السورية في ملبورن، هدف اجتماعي ترفيهي. تعارف وتبادل الخبرات. العيش المشترك وحمل مبادئ وطننا أينما كنا. نشاطات مختلفة، وفي الوقت نفسه، لنشرح للمجتمع الذي نعيش فيه، من أين أتينا ومن هي سوريتنا، وبأن السيدة السورية، سيدة المواقف بثقافتها وحريتها وحضارتها، وذلك من خلال لقاءات حصلت بتواجد صديقات من بلدان أخرى، حيث ﻻ يمكن نكران دور المرأة كأم وزوجة وأخت في سوريتنا الغالية. لا يمكن نكران وقفتها الخلاقة، وصمودها في وجه كل آﻻمها، ومن أجل سورية اﻷم.‏

• أخيراً، وبعد ثلاثة إصدارات شعرية، أطلقتِ مؤخراً «نبض الياسمين» ضمن حفل قلتِ بأنه كان أشبه بعرسٍ وطني.. هل لكِ أن تختاري من هذا العرس مانبضَ به ياسمينك وباح به ديوانك؟.‏

•• نعم، لقد كان حفلاً سورياً بامتياز، وبحضور ورعاية قنصل الجمهورية العربية السورية، الذي أتى من سدني خصيصاً لحضور هذه المناسبة، حيث توَّجني وبكل فخر، بعلم سيدة الياسمين. أيضاً، بحضور قنصل لبنان في ملبورن، والعديد من الفعاليات والأحزاب والمنظمات واﻷدباء والشعراء من ملبورن وسدني، واﻷصدقاء والصديقات، وقيل أنه للمرة اﻷولى يتواجد هذا الحشد الرائع في توقيع ديوان في ملبورن، وهذا تاج سوري أضعه على رأسي، وهمّي المحافظة عليه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية