|
متابعات سياسية ومهما تنوعت زوايا الرؤيا للإرهاب ومهما توزعت طرائقه وردود الفعل عليه فإننا واصلون إلى حقائق بعينها هي التي تكشف الستر والستار عن الإرهاب ،وهي التي تمنح قوى الخير رؤية صافية ومنظاراً موحداً وأحكاماً موحدة لفهم ظاهرة الإرهاب واستيعاب هذه الظاهرة وتكوين مذاهب ومواقع الرد على هذا الوباء الوافد من العالم إلى العالم. 1-إن الإرهاب الراهن هو منظومة متكاملة ومن أصول واحدة وبأهداف واحدة بالتأكيد ،وفي هذه المنظومة تستقر القوى الاستعمارية قديمها وحديثها ،وتكمن في المنظومة تيارات الفكر الخطير والصهيونية وأنظمة مفتعلة عابرة يتكرر مثالها في الوطن العربي على إيقاع نظام آل سعود وعلى نمط العدالة والتنمية في تركيا، وفي الإرهاب تأتلف الظلال المرة والخانقة للفكر المطروح وللقوى المعتنقة لهذا الفكر ولنسق الأسلحة المستخدمة في إطلاق سموم هذا الإرهاب ولاسيما في سورية والعراق على وجه التحديد. 2- لن يلغي التنوع بل التناقض في طبيعة قوى الإرهاب والدور المنوط بكل تنظيم أو نظام في تكوين الإرهاب ومكوناته، إن الإرهاب الراهن هو الخلاصة المكثفة للتاريخ الاستعماري وللحقد الصهيوني ولفصائل الشذوذ الفكري والنفسي في هذا العالم المنفلت من المعايير والمفتوح على الدم والمجهول باستمرار ، ويحدث أن تتناقض قوى الإرهاب وتتصادم مشروعاته مابين فصيل وآخر ومابين برنامج إرهابي وآخر، ولكن الأصول الجامعة لقوى الإرهاب مازالت موحدة وإن جرت عملية التستر عليها بالادعاء والخديعة والتزوير، وبالتالي لافرق بين السياسة الأميركية في الإرهاب وموقع الصهيونية في الإرهاب ودور الأسر الحاكمة في الخليج في هذا الإرهاب ، وماتبقى من فصائل ومجموعات على الأرض إن هي إلا أدوات مستعملة وهي أذرع يحركها الشيطان القابع في الكهوف المظلمة وراء الحدود، ولذلك نرى أن التطبيقات في الميدان العسكري كما في الميدان السياسي تستقطب هذا المعنى بكثافة ، إنهم جميعاً إرهابيون بالولادة وبالفعل وبالهوية ولايؤثر في ذلك هذا الدور التمثيلي الذي تلعبه دولة من هنا وتنظيم إرهابي من هناك ،وبهذا المعنى فإن وحدة الإرهاب هي فكرية من جهة وسياسية من جهة أخرى ،وكل أفعال الإرهاب تستمد من خلال التكوين السيكولوجي والإجتماعي والغرائزي الذي ينظمهم جميعاً ويضبط حركتهم في الذهاب والإياب، في الانفجار وفي الهزيمة ،أما محاولات العدوان على قدسية الله وكتبه وأنبيائه فهي مجرد حيلة مبتكرة وحقيرة ليغطوا حقيقتهم بها وليبرروا أفعالهم الخسيسة عبر قتل البشر وإبادة عناصر الحياة من خلال الشعارات (الإسلامية ) المختطفة من الماضي ومن القبور ومن الكهوف المنتشرة في قارات العالم والتي سجنها الظلام وداخلها العفن والجهل والتي تخشى النور والعقل ومعنى الإنسان في بناء الحياة كل على طريقته وكل حسب حاجاته. 3-إن هذا المنظور في الاستدلال على طبيعة الإرهاب القائم وطبيعة قواه وممارساته يأخذنا بالتأكيد وبصورة واضحة إلى أن نبني مصادر التعامل مع الإرهاب على أساس وحدته مهما داخل هذه الوحدة من ادعاءات وتضليل ، فالمهم هو موقفنا نحن أعني موقف الوطن والشعب ومناهج السياسة في الرد على الإرهاب وردعه وتدميره، هانحن نتابع مايجري هذه الأيام في الغوطة الشرقية وقد بدا أن الصراع هو بين قوى الإرهاب ومنظماته ولاسيما أن هذا الصراع قد استهلك أرواحاً بشرية بالمئات ، نعم .. هذا الصراع من الخصائص المستقرة في قوى الإرهاب لأن مكونات الإرهاب ومن يدعم الإرهاب لا أخلاق فيها ولا منطق يحكمها، جميعهم ينتمون إلى فكرة قتل البشر وسفك الدم وتدمير الحضارات ونهب خيرات الناس وتعطيل مسيرة حياتهم في التفكير والبناء وإنجاز قوة الذات في هذا الوطن أو ذاك ،والإرهابيون بتكويناتهم يتحدون على غريزة الموت ولكنهم في لحظة استقبال المدد المادي من الخارج وفي لحظة افتراس الغنائم وتوزيع مناطق النفوذ عندها ستنبعث حقائقهم الراسخة عبر القتل والانقضاض على كل شيء والانقلاب على كل المواثيق والمواعيد المنجزة فيما بينهم مرحلياً، في النهاية هم ذئاب لاتقنع ولا تشبع وبالتالي فإنهم أعداء وهم موحدون وأكثر عداوة وهم يقتتلون ،ولن نبني موقفاً في وطننا السوري يقوم على الوهم إن قوتنا بذاتنا وليس من خارج هذه الذات . |
|