تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المقامرة السعودية ... الميدان والوقائع

متابعات سياسية
الثلاثاء31-5- 2016
حسن حسن

إذا كانت أميركا والغرب مستفيدتين من الحرب على سورية لإشباع نهمهما الاستعماري ! وإذا كانت تركيا لها مشروعها لاحتلال شمال سورية طمعاً في النفط والمياه والخيرات ! فما السبب البارز الذي دفع بمملكة آل سعود إلى وضع مقدراتها في هذه المعمعة؟!

لاشك أن الوهابية هي الوجه الآخر للأصولية التوراتية الحاقدة والبربرية ، وهي بكافة فروعها الأيديولوجية صنيعة الغرب الإنكليزي أولاً والغرب الأميركي لاحقاً ، وبالتالي قادة هذا ( الفكر) قديمهم وحديثهم ليسوا إلا أدوات في المشروع الغربي الساعي إلى النهب .‏

لقد دمرت مملكة آل سعود وأعوانها الحد الأدنى المتبقي مما كان يسمى التضامن العربي بالحرب على سورية ، وبالحرب على اليمن ، وبالحرب على ليبيا وبالحرب على تونس وعلى مصر بعدما أجهزت على وحدة العراق ، ومازالت تسعى إلى تدمير ما بقي واقفاً بما فيه العقل والثقافة بالتجهيل الممنهج.‏

ويلاحظ الجميع أن سياسة آل سعود بدأت تتحول إلى المبادأة العلنية بالهجوم في أكثر من ساحة وفي أشكال مباشرة عسكرية وغير مباشرة بعد أن مالت في العقود الماضية إلى اتباع السرية والغموض في مواقفها تجاه الخصوم أو الأصدقاء . ويبدو تماماً أن المنطقة تشهد الآن مرحلة جديدة في طريقة تعامل مملكة الرمال الوهابية مع الدول الشقيقة أو الصديقة ، بل مع بعض الحلفاء إلى جعل البعض يعتقد بأن واشنطن فضلت أن يفلت زمام المبادرات الهجومية السعودية على المستوى التكتيكي طالما أن هذه المبادرات لا تحمل أي ضرر للمصالح الاستراتيجية الأميركية في المدى المنظور.‏

وعن مستقبل هذه السياسة يرى (جون دوانز) في (ايكونوميك كومنتري) أن تطور السياسة السعودية منذ تولي نظام الحكم الجديد بدأ يدل على شعور العائلة المالكة السعودية بالعزلة في أعقاب اتفاق الدول الست مع ايران وانكفاء جدول العمل الأميركي الهجومي العسكري عليها وفتح صفحة علاقات أوروبية حارة تجاه طهران اقتصادياً وتكنولوجياً. فقد وجد نظام الحكم الحالي نفسه في قلب ظروف صعبة بعد أن زاد من عدد الأطراف التي أعلن العداء العلني لها، فعلى حدوده في الخليج أصبح العراق وايران جزءاً من الأعداء دون أن يقابله العراق وايران بالعداء نفسه ، ثم وجد أن اعلان الحرب الشاملة على اليمن لم يتسبب إلا بالمزيد من العزلة الدولية دون أن يحقق أي هدف من أهدافه في اليمن ، وبالمقابل ، وجد أن حلفاء سورية الإقليميين والدوليين بدؤوا يشكلون عقبات كأداء أمام أهدافه العلنية ضد سورية .‏

وازدادت هذه المصائب بعد أن غررت واشنطن بالسعودية وفرضت عليها تخفيض أسعار النفط بهدف حرمان روسيا من جزء من أرباحها من النفط ، لكن السعودية خسرت ما يقرب من 65 بالمئة من أرباح النفط بسبب هذا التخفيض الذي ترافق مع النفقات الباهظة للحرب ضد اليمن ولرشوة عدد من الدول العربية وضمها إلى ثلاثة أحلاف سعودية لم تقدم ولم تؤخر.‏

مايحكى الآن عن تدخل سعودي واضح في سورية ، يقع في خانة المقامرة السعودية غير المدروسة ، لكنها مضمونة الخسارة ، فالميدان والوقائع والمبادرة ليست في مصلحة السعودية وتركيا. ونقول تركيا حصراً لأن تحويل لبنان أو الأردن قاعدة انطلاق للعدوان السعودي سيجلب الحرب الداخلية إلى هذه البلدان المحكومة بتوازناتها الداخلية ، إلا إذا كانت المملكة الوهابية مدفوعة بحقدها إلى إلحاق لبنان والأردن بمنظومة التدمير الشامل ، وهي مسألة لن تفيد آل سعود وأيضاً لن تفيد المشروع الغربي الساعي إلى بقاء منصات انطلاق لمراحله اللاحقة ،وبالتالي لن يسمح الغرب العبث بالقواعد الأساسية لمخططاته.ما يزعج آل سعود ومعهم ( الإسرائيليون) ،والأتراك أن هذا الواقع لن يتغير بسهولة ، فالدولة السورية – والحرب دخلت عامها السادس- مازالت متمسكة بالثوابت الوطنية والقومية وهي تنجح بتحقيق الإنجازات على المسار الميداني وخط المصالحات الوطنية ، والهدنة الحالية سواء صمدت أم انهارت ستسمح للدولة السورية بتعزيز وضعه كطرف يحارب الإرهاب ومن ثم التفاوض من موقع القوة وخصوصاً أنه يسيطر على مناطق يعيش فيها نحو 80 بالمئة من السوريين.‏

ترصد العشرات من التقارير الغربية حالة القلق التي تعتري الشارع السعودي جراء الدور الذي بدأت الرياض بتقمصه لتتحول بذلك إلى كيان تناحري مع المحيط والخارج ، كما ترصد تلك التقارير حالة الانفصام المتنامي الذي يحكم العلاقة القائمة بين الشارع السعودي والنظام الذي يحكمه . وباتت الجغرافيا السعودية حبلى بالكثير، ما يشي بولادة كيان مغاير بينما المناخات الدولية أكثر استعجالاً من الداخل السعودي لإجراء جراحة قيصرية تبقى المعضلة في الرؤية الأميركية التي تفضل في مثل حالات كهذه الصيد بواسطة ( الشبكة) بمعنى قنص السمكة دون ايذائها .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية