تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


واشنطن وسينما الخيال السياسي

البقعة الساخنة
الثلاثاء31-5- 2016
عزة شتيوي

في كل هذا الاحتباس السياسي للمواقف تجاه الملف السوري تتطاير

إشارات الاستفهام والتعجب حول فكرة تفاهم روسي- أميركي قد يقود إلى رسم خطوط مصالح البلدين في الميدان السوري بل ويشطح خيال المنظرين والمحللين إلى ما هو أبعد من خيالات أميركا ذاتها في المنطقة،‏

ليقول قائل مردد كالببغاء: لاحت وبانت من ظهور مصطلح جديد الناتو يهم لما يسميه لنشر الاستقرار وموسكو تنازلت عن نقاط عدة فيما يخص سورية وحتى المنطقة وما على العرب غير البلاغ في التجزئة القادمة.‏

لن نتهم بالبراهين لمروجي النظرات القاصرة في التحليل السياسي ولن نتناقش في عمق العلاقات السورية الروسية فلسنا كسوريين بعد كل ما مررنا به وقدمناه من شهداء قابلين للنقاش حول تفاصيل نهجنا مع حلفائنا لحل أزمتنا يوم كانت دماء العسكريين والمدنيين التي سقطت بوصلة لا تؤثر إلا لإكمال الطريق باتجاهات الانتصار وليس المواربة أو المسايرة أو التوقف عند حدود التفرج لتحديد المصير ولكن في نظرة سريعة لما حدث ويحدث وخاصة تجاه الحليف الروسي لاتزال الشكوك الإعلامية التي تبث وتدس بين الفضائيات والصحف العالمية تصنع غمامات في مفاصل التحول لملف السوري لتعتم في اللحظات الحاسمة على كل التعاون الذي جرى بين موسكو ودمشق منذ بداية الأزمة وحتى اللحظة ومن عمق هذا التعتيم فقط تظهر تصريحات واشنطن وما تريد تمريره لخلق حالة إعلامية وسياسية تناسبها وتستهدف بها بالدرجة الأولى معنويات السوريين وجيشهم.‏

العاقل فقط من يستطيع التمييز بين بالونات الاختبار.. التي تطلقها واشنطن وإعلامها وبين اختبار الأميركيين لفعالية استراتيجياتهم، وحتى هذه اللحظة لا تزال الإدارة الأميركية تتأرجح بين الاثنين وتفشل في كل مرة، وإذا كان تحرير الرقة هو أول إنجاز أميركي لتحرير مشروع الفدرلة تحت عنوان محاربة الإرهاب فلماذا تأتينا الأخبار مكثفة من الفلوجة العراقية بينما يخيم صمت كبير حول الإنجازات العسكرية الأميركية في الرقة والتي اعدت لها أميركا عشرات التقارير الإعلامية قبل اجتياحها وسكتت عند اول الخطوات نحوها وبدأت الثرثرة باتجاهات أخرى تمهد لعودة طاولة جنيف برأس جديد لوفد الرياض؟؟.‏

واشنطن لن تحرر الرقة من داعش بل هي تعلق ورقة الأكراد هناك بألوان الاختبارات لتحدد وجهة تحالفات جديدة تستقطب فيها حلفاء المصالح وليست روسيا من ضمنهم ولن تكون فمن خطت مع دمشق كل هذه الخطوات السياسية التي أعادت للعالم مبدأ التعددية القطبية لن تتراجع عند خطوط الخلاص فلا الماضي السوفييتي يؤهلها ولا معطيات المرحلة تفرض عليها.‏

موسكو تؤكد ولا تزال حتى آخر اتصال هاتفي بين لافروف وكيري أن يبقى الباب مفتوحاً للمشاركة حتى انتهاء الهدنة وفي هذا تخفيف من حدة التهور الأميركي وتسهيل لعودته عن الانسداد والاصطدام به وإن كان البعض لايزال يجاهر بالمراهنة هل يعتقد ان السوريين الذين قدموا شهداءهم فداء لوحدة التراب السوري سيقفون متفرجين ..‏

أعتقد أن من ينظر في الفدرلة والتقسيم جاهل بالتاريخ أو يتجاهله وهو غير مضطلع أبداً على المزاج العام السوري، فسورية لا تقبل القسمة إلا في رغيف الخبز بين أبنائها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية