تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وعـــــود أوبامــــا السلميـــة..مـــع وقـــف التنفيــذ الإسرائيلـــي!!

شؤون سياسية
الخميس 18-6-2009م
أسامة عبد الحق

يبدو أن الآمال المعلقة على الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة باراك أوباما شابهها الكثير من المبالغة،

لأن السياسة في الولايات المتحدة ليست محكومة بنوايا الرئيس ورغباته الشخصية فقط، ولكنها تمر بقنوات مؤسساتية كثيرة تؤثر على قرار الرئيس وموقفه، ومن هنا يجب عدم التسرع والاستباق في الحكم على سياسة الرئيس الأمريكي، ومن ثم التعامل مع مقولاته بترقب وحذر، انتظاراً للمرحلة التي تترجم فيه رسائله المطمئنة والمريحة إلى أفعال ومواقف تتبناها إدارته وحكومته، وعندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط وبالعلاقة مع الإسلام والمسلمين بوجه عام، والصراع العربي/الصهيوني بوجه أخص فإن الحذر يكون أوجب، وهو ما وضح جلياً بعد لقائه بأبي مازن الذي لم يحمل أي جديد، بل جاء مخيباً للآمال، فرغم إعلان أبي مازن استعداده التام لتطبيق خارطة الطريق، التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط عام 2003 لتسوية النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أن تمنيات أوباما في هذا اللقاء جاءت غير كافية أو مجدية وخاصة في ظل التصعيد الصهيوني المتواصل عبر الاغتيالات ونهب الأراضي وإحكام الحصار، والتي لم ينتج منها أي ضغط على العدو الصهيوني لفك الحصار وإنهاء الاستيطان ووقف العدوان، حيث اكتفى أوباما بالقول: إن على إسرائيل وقف العمل في مستوطناتها في الضفة الغربية كجزء من اتفاق موسع باتجاه تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وإنه لن يضع جدولاً زمنياً لإقامة دولة فلسطينية وإن على الفلسطينيين كذلك أن يقوموا بواجبهم بتوفير الأمن في الضفة الغربية، وتقليل التحريض ضد الإسرائيليين في المدارس والمساجد، وهو في ذلك قد ساوى بين الجلاد والضحية بل قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون :إنها تكون وفق حدود متفق عليها، أي إنها أسقطت حدود عام 1967، وطالبت حركة المقاومة الإسلامية حماس بضرورة القبول بمبادئ الرباعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وأن تعترف بحق إسرائيل في الوجود وأن تنبذ العنف سبيلاً لإقامة وطن للشعب الفلسطيني، وأن تعترف بالاتفاقات السابقة التي كان أبرمها الفلسطينيون سواء عن طريق منظمة التحرير الفلسطينية أم السلطة الفلسطينية وإنها لايمكن أن تتوقع من فتح أو من الإسرائيليين أو من العرب، الذين يريدون حلاً لهذه المسألة يتمثل في حل الدولتين أن يعملوا مع جماعة لا تؤمن بنتائج هذه الجهود أو في أي مفاوضات للسلام في أي منطقة في العالم،لأن الجماعات المقاومة أو المتمردة أو المقاتلة عندما تجلس إلى طاولة المفاوضات تلتزم بالسلام .‏

وهو ما دفع نتيناهو للقول إن بإمكان الفلسطينيين والإسرائيليين العيش جنباً إلى جنب، وإن حكومته ترغب في بدء المفاوضات مع الفلسطينيين فوراً، شريطة الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، وإنه يؤيد حكم الفلسطينيين لأنفسهم، لكنه لم يشر صراحة إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، أعلن صراحة عن مخطط لبناء مستوطنة جديدة على أراضي الضفة الغربية، حيث ستقام المستوطنة في غور الأردن في مكان لمعسكر لقوات الاحتلال الإسرائيلي على بعد 20 كيلو متراًمن نابلس ، والمستوطنة الجديدة هي الأولى على أراضي الضفة التي شهدت في السنوات الـ 13 الماضية توسيعاً للمستوطنات القائمة، إضافة إلى وجود مخططات لوصل كبرى المستوطنات بالقدس، رغم المعارضة الدولية لمسلسل الاستيطان، في رسالة تحد تعكس إصرار نتنياهو وحكومته على المضي قدماً بسياسة الاستيطان، كما تسعى جماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة إلى إنجاح المؤامرة الإسرائيلية بالتشويش على عزم واشنطن تقديم رؤيتها لحل الصراع العربي /الصهيوني، وذلك عبر الضغط على إدارة أوباما بألا تلجأ إلى إحداث تغيير كبير في سياسة البيت الأبيض تجاه الشرق الأوسط، ووجدت منظمة «إيباك» ضالتها في أعضاء الكونغرس للضغط على أوباما حول هذا الموضوع والأخذ برأي نتنياهو حول بناء المؤسسات الفلسطينية قبل الضغط لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.‏

واضح أن أوباما يسعى فقط إلى إجراء تغيير حيوي على مكانة الولايات المتحدة الأمريكية في مخيلة العرب والمسلمين.. لكن يبقى التساؤل الأهم : هل سيسعى أوباما نحو تغيير قواعد المشهد الإقليمي من خلال إيجاد تسوية عربية/ إسرائيلية شاملة، على أساس عادل؟!!‏

 كاتب وصحفي مصري‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية