|
فنون أو الحدث الدرامي . ففي مسلسل الطير الذي لاقى نجاحا باهرا , وما زال. كنت أجد في شخصية(أنور) عالما مثيرا من البراعة والذكاء .. أبعد ما يكون عن الأدوار المألوفة .. كما أنها كانت تتطلب تيقظا وتحفزا ومهارة حتى في لحظات الاسترخاء .. محتكرة كل ألوان النفس البشرية .. قافزة ببراعة راقص بين الحب والكراهية .. بين الحقد والرغبة في النجاح .. بين القتل بدم بارد ولحظات الضعف المخجلة .. بين الحمق والذكاء ..
كذلك الأمر حين قمت بأداء دوري أخوين توأمين حقيقيين في مسلسل فرسان الريح . كنت أستمتع أكثر بأداء دور الأخ المشاكس (رشيد) . ربما لأن طموحه وآلية تفكيره تجعلان منه بطلا لا يتردد في اتخاذ أقسى الحلول لتحقيق منفعته من جهة , ولأنه مغامر لا يهاب الصعاب من جهة أخرى . أما شخصية (نذير أبو الورد) رجل المباحث. فقد كانت هذه الشخصية مرسومة بعناية جعلتني أتفاعل مع مكنوناتها الغنية .. فمن حقده على بيت (القناديلي) إلى حبه الشديد لابنه .. (أذكر أنني بكيت فعلا أثناء أداء أحد المشاهد المتعلقة به), إلى طموح مهني. إلى إخلاص منقطع النظير .. إلى نكران للذات .. ونسيان الماضي المقيت حين تعلق الموضوع بعائلته التي قد تعود .... إلخ . لقد اضمحلت الشخصية (الشريرة) التي كانت تقدم سابقا في الدراما العربية .. وكان يتوجب علينا كمشاهدين أن نكرهها .. فكانت لا تقوم إلا بأعمال مشينة, دنيئة .. لتحل محلها الشخصية (الإشكالية) . التي يختلف حولها الناس بمختلف انتماءاتهم وخلفياتهم الثقافية والمعرفية ... فليس هناك من شر مطلق يأتي من العدم .. دون مبررات أو دوافع .. وهذا ما جعل كثيرا من الممثلين في كل العالم (حتى النجوم ) يرغبون بأداء مثل هذه الأدوار .. ليس مبتغاهم في ذلك أن يقنعوا المشاهد بأفعالهم الشريرة . إنما أداؤها بطريقة ساحرة لكي تصل للمشاهد ضمن لوحة فنية متكاملة ..تجعله يدرك إلى أي مدى يمكن أن تدفع بنا رغباتنا ونزواتنا وأحيانا طموحنا ...إن نحن بنينا سعادتنا على حساب تعاسة الآخرين . |
|