|
ثقافة فالمهرجان الذي افتتح في اروقة خان اسعد باشا بحضور حشد كبير من المهتمين لا يعكس فقط رغبات التأصيل والتحديث وانما الرغبة باستعادة الحكايات الحميمية لعوالم الحلم المعماري الشرقي الحي والمترسخ في الذاكرة. والفنانة المهندسة المعمارية سوزان نجم الدين استعادت في افتتاحية المهرجان ملامح كثيرة من مؤشرات التفاعل مع هذا الحلم المستمر في مشاهدات القناطر والاقواس والقباب والزخارف, في محاولة لاعادة الاعتبار للانماط والاتجاهات التي اعطت للعمارة السورية والعربية طابعها الخاص والمميز. والمهرجان جاء كثمرة تعاون بين مجلة ( ابداعات هندسية) وبين جهات عديدة, وشكل مبادرة ثقافية على صعيد تسليط اضواء على بعض الركائز التي كونت التراث المعماري في سورية والبلدان العربية, اضافة الى البحث في جوهر العلاقة المتبادلة بين الفنون الكتابية والزخرفية المتغلغلة في نسيج الفن المعماري العربي والاسلامي بشكل خاص. هذا الانطباع الايجابي منحنا اياه, بتفاؤل المهرجان في يومه الاول, حين حمل الى جمهور الحاضرين, نفحة شعرية تشبه الى حد بعيد اجواء المناخ الرومانسي الذي يلف المكان تحت ضوء القمر او في لحظات الغروب. فالحلم الشاعري الذي ساد اروقة خان اسعد باشا, طوال اكثر من ساعتين, استقبله جمهور المهندسين المعماريين والفنانين والمتابعين بمزيد من الالفة والمحبة والحاجة الماسة لاستعادة خصائص القيم التشكيلية التراثية وامكانيات الوصول من خلالها الى فتح آفاق جديدة للعمارة السورية والعربية الحديثة. على هذه الخلفية التراثية تبلورت الافكار والهواجس المتعلقة بتطوير العمارة العربية والمحلية, وذلك من خلال اللقطات الوثائقية والتعبيرية والرمزية التي عرضت على جوانب مكعب فراغي ضخم معلق ومثبت في وسط الخان ومنبثق من ايحاءات تطور وسائل العرض السينمائي في محيط اصبح يعيش على وتيرة وتوجهات الآلة الكمبيوترية الرقمية. فالعرض السينمائي شمل الوانا من الرؤى الباحثة عن افاق جديدة في معطيات العمارة السورية بعد سيطرة التأثيرات الغربية على روح المدن ا لعربية. حيث شكلت هذه السلبيات في نهاية المطاف السؤال المقلق ذاته( الى اين) نتجه بعمارتنا المحلية..الى تكريس الانماط المعمارية المتشابهة, ام التحريض على الابداع? وفي المحاضرات التي القيت في اليوم الثاني في قاعة الامويين بفندق الشام وبمشاركة اسماء عربية ودولية ملامح من هذه الاشارات والتساؤلات وهذه التساؤلات تتوالد من استعراض عناوين تلك المحاضرات, من ضمنها محاضرة ( التيارات المعمارية المعاصرة في سورية بين النظرية والواقع) لغسان بدوان و(العمارة العربية- الهوية الشكل والمضمون) لصالح لمعي مصطفى و( الخط العربي في العمارة الاسلامية) لأحمد المفتي هذا الى جانب المحاضرات التي قدمت من قبل معماريين وباحثين اجانب وترجمت الى العربية في الحال مع الاشارة الى ان كلمة المهندس محسن مقصود قد اكدت على ايجاد علاقة تبادلية بين العمارة الحديثة والهوية الثقافية ودعت الى تسليط المزيد من الضوء على الواقع المعماري وقبول الرأي الاخر. والوصول الى المستوى الابتكاري والابداعي في خطوات صياغة توجهات النهضة الحديثة التي ترافق احلام الإعمار والبناء وتنظيم المدن الحديثة. |
|