|
شؤون سياسية والهدف منه هو توليد الطاقة الكهربائية, وأنها في سعيها لذلك لم تخالف القوانين والأنظمة الدولية المرعية, مع العلم بأن ايران من الدول الموقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي تعطي جميع الدول الموقعة عليها حق بناء مفاعلات نووية بما في ذلك مراكز تخصيب اليورانيوم . وقبل ايران كانت الحملة على العراق واتهامه بالعمل على امتلاك أسلحة الدمار الشامل فبعد أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001 تم تصنيف العراق ضمن - محور الشر- وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا أن العراق يمتلك أسلحة للدمار الشامل, وقامتا بغزوه تحت هذه الذريعة ولم يتم اكتشاف دليل واحد على وجود مثل هذه الأسلحة حتى الآن, وتأكد الجميع من أن العراق لم تكن لديه أسلحة دمار شامل ولا قدرات نووية , وكانت أميركا وبريطانيا البلدين اللذين يعرفان منذ البداية أن العراق ليس لديه أية أسلحة دمار شامل. في الحقيقة إن برنامج ايران النووي السلمي ليس وليد ساعته, فقد بدأ ذلك البرنامج فعلياً أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات أيام حكم الشاه الحليف القوي للولايات المتحدة ( وكان هذا البرنامج برعايتها ومعرفتها وضمن معاهدات واتفاقيات ثنائية موقعة بين الطرفين ) وقد تم بناء أول مفاعل نووي في عام 1967 ( بقوة/5/ ميغاوات) وقامت الولايات المتحدة الأميركية وقتها بتزويد ايران بهذا المفاعل وتركيبه, وفي عام 1968 وقعت ايران على اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية ووفقاً للوثائق التي رفعت عنها السرية في الآونة الأخيرة شجعت الولايات المتحدة الأميركية ايران بالفعل على توسيع مصادرها من الطاقة غير النفطية , بل قدمت للشاه حينها تقديراتها عن أن ايران ليست فقط بحاجة إلى مفاعل نووي واحد, بل إلى عدة مفاعلات وكانت تهدف الولايات المتحدة من ذلك استعادة ملايين الدولارات التي كانت قدمتها ثمناً للنفط الذي استوردته من ايران لاسيما بعد فورة الأسعار التي أعقبت حرب تشرين التحريرية عام .1973 هذا الموقف الأميركي, شجع شاه ايران على الطلب من شركة سيمنز الألمانية الغربية آنذاك تزويده بمفاعلين نوويين بقوة 1200 ميغاوات لكل منهما وخلال عامي 1974-1975 قامت مؤسسة الطاقة النووية الايرانية بتوقيع عقد مع معهد ماساشوستس للتكنولوجيا لتدريب الكادر الايراني الذي سيتولى الإشراف على إدارة وبناء المفاعلين قيد الإنشاء, كما أدلت فرنسا بدلوها وقامت بتأسيس المركز التكنولوجي النووي في مدينة أصفهان في منتصف السبعينيات وذلك لتدريس المهندسين الايرانيين .كذلك وقعت ايران مع فرنسا في عام 1974 ( شركة فراماتوم) اتفاقاً لبناء مفاعلين نوويين بقوة 950 ميغاوات لكل منهما في مدينة الأهواز. لكن اندلاع الثورة الايرانية في عام 1979 حال دون الانتهاء من بنائهما. ومع نجاح تلك الثورة, توقف الغرب عن دعم أنشطة ايران النووية, بل باشر بمعاداتها حيث رفضت شركة سيمنز تزويد ايران بالمفاعلين المتفق عليهما سابقاً, الأمر الذي اضطر ايران إلى مقاضاتها في المحاكم الدولية التي لا تزال تنظر في القضية حتى اليوم. وقد اضطرت ايران بعد انتهاء الحرب العراقية - الايرانية إلى التوجه نحو الاتحاد السوفييتي سابقاً (روسيا حالياً). تصاعدت الحرب الاعلامية بين الولايات المتحدة وأوروبا من جهة وبين ايران من جهة أخرى,لاسيما بعد قرار الحكومة الايرانية رفع الأختام , واستئناف بحوث تخصيب اليورانيوم, فقد اعتبرت الإدارة الأميركية الموقف الايراني بمثابة اختراق لخط أحمر وخطأ كبير في الحسابات ,كذلك هدد رئيس الوزراء البريطاني بلير قائلاً بأن الغرب لن يسمح لايران بامتلاك أسلحة نووية لكنه أضاف قائلاً لا تزال هناك أقنية دبلوماسية , واستبعد الحلول العسكرية حالياً , لكنه لم يستبعد أي خيار ضد ايران, علماً بأن ايران لم تنتهك أي بند من بنود المعاهدة الدولية لمنع الانتشار النووي. أما في اسرائيل, فيدور جدل على جميع الأصعدة السياسية والعسكرية حول ما يسمونه- مخاطر البرنامج النووي الايراني على كيانهم, ومن منظورهم فإن الخطر الذي تمثله ايران النووية لاسرائيل خطر مزدوج, فمن جهة يزعمون أن ايران تمتلك المعرفة اللازمة لصنع القنابل النووية( وفي حال انتاجها) ستحد بلا شك من قدرة اسرائيل على ردع العرب كما ستفقد اسرائيل, من جهة ثانية ميزة كونها الوحيدة التي تملك الأسلحة النووية في المنطقة, وبالتالي قدرتها على فرض السلام الذي تريده وفقاً لشروطها الخاصة ,وفي هذا الاطار يقول - افرام سنية- عضو( الكنيست) الاسرائيلي وأحد قادة حزب ( العمل ) الاسرائيلي:(لا يمكن تخيل فكرة وجود قنبلة نووية في أيدي أعدائنا حتى وإن لم يستعملوها .. إن مجرد فكرة وجودها لديهم سيعني وقف العملية السلمية. وكررت الدول الثلاث الموقف المبدئي لحركة عدم الانحياز بخصوص استخدام الطاقة النووية لأهداف سلمية . إن الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا الغربية تزعم أن الملف النووي الايراني يشكل خطراً على اسرائيل لكنهم يتجاهلون قصداً ذكر الخطر الذي يشكله وجود ترسانة من الأسلحة النووية لدى اسرائيل بالنسبة للدول العربية وايران. في الوقت نفسه لا يطلب أحد من اسرائيل توقيع معاهدة الحد من الأسلحة النووية, أو قبول الإشراف على برنامجها النووي , كما لا يطلب أحد الشيء نفسه من الهند أو الباكستان. ومرة جديدة يتضح أن أحد أبرز الأسباب للأزمة المتزايدة بخصوص الملف النووي الايراني يتجسد في سياسة المعايير المتعددة والكيل بمكيالين التي تتبعها الولايات المتحدة والدول الغربية. |
|