|
لبنان صاحبنا الذي احترف التنظير, وقد ضاع بكل تلك السذاجة بما فيها السذاجة اللغوية, بين الله والتاريخ, فاته أنه حتى عندما يحكى عن انفلونزا الطيور, يقال, وعلى لسان اختصاصيين, إن أي تطور في ما يتعلق بهذا الوباء يرتبط بما يمكن أن يحصل على الأرض السورية, فكيف إذا كان على أبوابنا, بل وفي عقر دارنا, ذلك النوع من الانفلونزا الذي يقتل كل شيء, ويترك للأيدي الهمجية أن تفرض, بقطع الرؤوس, ما تزعم أنها وصايا السماء.. هل هذا هو الوقت الملائم لتلك الرياضة اللغوية التي طالما عكست قصر النظر, والانغلاق, وحتى الابتذال في الرؤية, فيما الحريق على مقربة من ثيابنا, لا بل أنه لامس جلدنا, ما دام روبرت كاغان يرى أن هذه المنطقة (التي وصلت إلى حد خطير من التعفن الايديولوجي ينبغي أن تعيد تشكيل نفسها?). لعله يقصد, وكما نرى, تحويل المجتمعات إلى مقابر مفتوحة.. عندنا في لبنان.. هل يدركون ما يحصل? وهل تحتاج المسألة إلى إعمال الفكر, واللغة, بتلك الطريقة التي لا تعرف نقطة الفصل فيها بين ما تقوله الأفواه وما تقوله الطناجر.. كل المشكلة عندهم هي في العلاقة مع دمشق, حتى وان راحوا يلعبون داخل التفاصيل على ذلك الوقت الذي هو وقت الناس وليس وقتهم, حول المواقد الفاخرة, وعلى ضوء الشموع. ربما لا يختلف ا ثنان حول هذا: أن القياصرة الصغار, في قصورهم, هم الظل الخشبي للقياصرة الكبار. تشاهدونهم على الشاشات, وتلمسون دون شك مدى (انبهارهم) بأنين الذين خسروا حتى الأمل, هل نعود بهم الى ايميه سيزار: (الذين يعلقون الأمل على حبل المشنقة, لعلهم لا يدرون أنهم يعلقون أنفسهم في نهاية المطاف..). لا أحد إلا مع العلاقات المميزة, بل والمتميزة بالتكافوء, والمصالح المشتركة, والوقوف في خندق واحد ضد الإعصار, ولكن ألا نواجه بتلك المفردات التي تعني شيئاً واحداً, وهو أن فوق رؤوسنا يوجد بعض من لا يصلحون حتى لقيادة قطيع من الدجاج.. لاحظوا, ألا يتعاطون معنا, عملياً, على أننا جماهير الدجاج: اقرعوا على الطناجر. تقرع! نعترف بأنهم نجحوا الى حد بعيد في الامساك بأكتافنا, ما داموا قد أمسكوا بغرائزنا, ولكن ألا يفترض أن نتبين, والدوي الأسود على تخومنا, أن لعبة الغرائز هي مهنة حفاري القبور..? ما نحتاجه ساسة في أيديهم المستقبل, لا ساسة احترفوا صناعة القاع! لمصلحة من تخريب, أو إرباك, العلاقات مع سورية? هل يحتاج المشهد, حقاً, الى مثل هذا السؤال? |
|