|
حدث وتعليق والذي ينص على إنشاء أوروبا من دون تحالفات وعلى حل حلف شمال الاطلسي بعد زوال حلف وارسو. بعد خمس عشرة سنة يعبر غورباتشوف عن خيبة أمله من واشنطن والغرب , ويتحدث عن عقدة الاستعلاء الاميركية ويقول: من المهم ومن مصلحة الجميع ان تشفى الولايات المتحدة من عقدة الاستعلاء والاستكبار . ربما تأخر غورباتشوف في اكتشافه هذا , وربما كان عليه كزعيم وسياسي بارز ان ينتزع ثمنا مكافئا للتنازلات التي قدمها انذاك للمعسكر الاخر وألا يكتفي بمجرد وعود وتعهدات تم اطلاقها كخدعة وعلى قاعدة ان الطرف الآخر بات ضعيفا الى حدود لايمتلك معها مقومات الرفض أو التراجع عن مواقفه وكلنا يتذكر تلك الحقبة ومجرياتها لاسيما معاهدتي ستارت 1 وستارت.2 عقدة الاستعلاء التي يتحدث عنها غورباتشوف اليوم هي اكثر تورما وتضخما مما كانت عليه قبل سنوات وقد يكون الشفاء منها مستحيلا مع تسلط مجموعة المحافظين الجدد على الادارة الاميركية وعلى مؤسسات المجتمع الدولي والامم المتحدة التي تحولت الى هيئات ودوائر تابعة لوزارة الخارجية الاميركية. واذا كان هناك من سبيل للشفاء فلابد من تحقيق عاملين أساسيين أولهما تفعيل الاتحاد الروسي والصين دورهما الحيوي على الساحة الدولية وداخل مجلس الامن الدولي وصحوة أوروبية تثبت أوروبا من خلالها موقعها على الخارطة السياسية الدولية وتعلن فيها انها ليست القارة العجوز المتهالكة كما وصفها دونالد رامسفيلد. واما الثاني فيتلخص بضرورة تضافر الجهود الدولية لاحداث الصدمة لدى الولايات المتحدة , لاسيما لجهة التعبير بطرق اكثر وضوحاً وفاعلية عن رفض الطروحات الاميركية ومواجهة حروبها الاستباقية وتدخلاتها وافشال مخططات الهيمنة ومحاولات فرض الوصاية والاملاءات على الدول ذات السيادة وعلى المنظمة الدولية . واذا كان شفاء الولايات المتحدة من عقدة الاستعلاء يرتبط بظروف ومعطيات دولية محددة تسهم في تحقيق الهدف , فانه من المهم استثمار الظروف الحالية , لانها الاكثر نضوجا مايجعلها تسمح بتحرك دولي يحدث الصدمة ويعيد معايرة الاحجام والاوزان للمصالح والقوى وبما يكفل تصحيح الخلل الحاصل في التوازن الدولي والعلاقات الدولية . |
|