تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ما الذي سيقدمه كل منا لجامعة دمشق?

مجتمع الجامعة
الاربعاء 17/10/2007
أ. د. وائل معلا - رئيس جامعة دمشق

في مطلع كل عام دراسي, يعيد المرء منا النظر في حساباته, فينظر إلى ما كان ويقيّمه, ويدرس الواقع ومتطلباته, ويشحذ الهمة لانطلاقة جديدة وقد تتغير الحسابات وتتبدل الادوات ويختلف ترتيب الأولويات,

‏‏

لكن الثوابت غالباً ما تبقى على حالها تقاوم الزوابع وتتجاوز العقبات التي قد تبرز من هنا وهناك. لان الثوابت تنبع من مبادئ شب عليها المرء وشاب, فباتت جزءاً لا يتجزأ من كيانه وعنواناً كبيراً لوجوده, وقد يعني استبدالها بأخرى انقلاباً يطال الجوهر والشكل في آن معاً.‏‏

وجامعة دمشق ثابتة ففي مسيرتها الوطنية, عازمة على تحقيق الاهداف التي وجدت من أجلها, ألا وهي النهوض بالمجتمع والسير به على دروب العلم والحضارة ليحتل المكانة المرموقة التي تليق به بين المجتمعات الإنسانية وهي اليوم, وربما أكثر من أي وقت مضى, تواجه التحدي الاكبر الذي يمكن إيجازه بكلمات قليلة بسيطة تحمل في طياتها أعباءً جسام: المساهمة الفعالة في عملية التنمية الوطنية الشاملة ومواكبة متطلبات العصر.‏‏

لقد كان العام الدراسي المنصرم عاماً مميزاً بالنسبة لجامعة دمشق فقد استقبلت من الطلاب الوافدين الجدد أعداداً خيالية قاربت العشرين ألف طالب ( واحد وعشرون ألف طالب, على وجه الدقة ), وقد حرصت على تطوير كافة الامكانات والظروف لتقديم الأفضل لهم وتسهيل دمجهم في المنظومة الجامعية الشاملة فكان السعي الدؤوب لتوسيع بنيتها التحتية وتطوير قدراتها البشرية وتحديث مناهجها.كما تميز العام المنصرم بافتتاح أقسام جديدة وإحداث برامج ودراسات عليا متميزة, فافتتح المعهد العالي للترجمة والترجمة الفورية, وتم تخريج الدفعات الاولى من طلاب عدد من الدبلومات والماجستيرات التخصصية المشتركة مع جامعات عالمية مرموقة.‏‏

إلا أن أهم ما ميّز العام الدراسي الماضي هو أنه جرى في ظل جملة من قوانين جديدة ناظمة هي قانون تنظيم الجامعات ولائحته الداخلية, وقانون التفرغ العلمي.كما صدرت خلاله مجموعة من المراسيم كان آخرها المرسوم الذي نصّ على تعيين الخريج الاول معيداً في كليته.ومن الإنصاف القول أنه كان لهذه التشريعات بشكل عام انعكاسات كبيرة وملموسة خاصة على الوضع المعيشي لاعضاء الهيئة التعليمية الذين احتسبت لهم تعويضات لقاء تفرغهم للعمل في الجامعة بما يمكن أن يصل لنسبة 200% من رواتبهم.كما جعلت الكثير من المهام التي كان يقوم بها عضو الهيئة التدريسية من دون مقابل مهاماً مأجورة للمتفرغين وغير المتفرغين على حد سواء,كتصحيح الأوراق الامتحانية والإشراف على رسائل الدراسات العليا, والاشراف على المعيدين لقد انتظر أعضاء الهيئة التعليمية طويلاً أن يُنصفوا فتقدّر كفاءاتهم وجهودهم بصدور قوانين ولوائح جديدة تنظم عملهم وتعطيهم حقهم. وبعد طول انتظار, صدرت هذه القوانين بهدف إنصافهم وإنجاح عمل المؤسسات الجامعية التي يتبعون لها في مواجهة التحديات الملقاة على عاتقها.‏‏

وكما العام الماضي, سيكون العام الدراسي الحالي 2007 - 2008 عاماً مميزاً آخر.‏‏

فجامعة دمشق ماضية في التطور والنمو الأفقي والعمودي بما يحقق أهداف التنمية الشاملة فقد افتتح في كلية الآداب قسم اللغة الاسبانية وآدابها, وافتتح في كلية العلوم قسم الهندسة البيئية, واختصاص هندسة السيارات في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية.كما افتتحت في فرع جامعة دمشق في السويداء كلية الفنون الجميلة.‏‏

وكنا نتمنى افتتاح ماجستير في هندسة الاتصالات بالتعاون مع المدرسة العليا للاتصالات » بريست« في فرنسا, بعد أن وقعنا معها اتفاقية لاحداث هذا البرنامج المشترك في جامعتنا, وهو كما لايخفى على أحد على درجة كبيرة من الاهمية بالنسبة لقطاع الاتصالات وخطط التنمية بشكل عام, والمساعي مازالت جارية للتغلب على الصعوبات التي تبرز وتعيق إحداثه.‏‏

ومن جهة أخرى, ستدخل في الخدمة في العام الدراسي الجاري مبان جديدة بمساحة سبعين ألف متر مربع, منها المباني البحثية كمبنى مركز بحوث ودراسات المكافحة الحيوية في كلية الزراعة, ومبنى مخابر البيولوجيا في كلية العلوم, ومنها المباني المخصصة للعملية التدريسية كمبنى قسم الهندسة الطبية في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية, ومبنى الصناعات الغذائية وآخر للهندسة الريفية والاقتصاد الزراعي في كلية الزراعة, ومبنى توسع كلية الهندسة المعمارية, وغيرها من التوسعات العمرانية التي من شأنها دعم البنية التحتية لجامعة دمشق والتخفيف من حدة الكثافة الطلابية, ودعم الإمكانات البحثية في الجامعة.‏‏

لقد عملت جامعة دمشق في العام المنصرم على تحديد رسالتها والرؤية التي تستند إليها هذه الرسالة وأهدافها الاستراتيجية, وسيشهد العام الحالي خطوات عملية للبدء بتنفيذ الخطة الاستراتيجية للجامعة بغية الوصول إلى تحقيق الأهداف المنشودة وإننا لنأمل صادقين تكاتف كل الايدي الوطنية وتضافر كل الجهود الخيرة لنتمكن من العمل جميعاً كفريق واحد متماسك, واضعين نصب أعيننا مصلحة الجامعة التي تصب في نهاية الامر في مصلحة الوطن. إن الجهود التي نرجو من الجميع بذلها تتناسب وحجم المسؤوليات الملقاة على عاتقنا جميعاً, وإننا على ثقة من أن أحداً لن يضنّ بها في وقت يحتاج الوطن فيه لحشد كل طاقاته في عملية التنمية والتطوير.‏‏

يتساءل كل منا في لحظة من لحظات تأمل حياته المهنية عمّا قدّمته له جامعة دمشق. وهو تساؤل ربما يكون مشروعاً.لكن وبعد ما تحقق على صعيد التعليم العالي, خاصة منذ صدور قانون تنظيم الجامعات الجديد فإنه من الإنصاف أن نطرح في هذا العام السؤال الأجدى وهو: » ماالذي سيقدمه كل منا لجامعة دمشق?«.‏‏

مع تمنياتي القلبية للجميع بعام منتج سعيد, تكلل فيه كل الجهود الخيرة بالنجاح والتوفيق.‏‏

أ. د. وائل معلا ¯ رئيس جامعة دمشق‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية