تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القانون ووعيه

مجلس الشعب
الخميس 6/4/2006
خالد الأشهب

اعتقد ان ثمة فجوة بين سن القانون وبين وعيه , فالالتزام بتطبيق القوانين لايعني بالضرورة وعي هذه القوانين والتشريعات , والفارق بينهما , ان وعي القانون يقود الى تطبيقه سواء حضرت عقوبة عدم التنفيذ في النص او لم تحضر , فالكثير من القوانين يجري تطبيقها لأن نصوصها تنطوي على عقوبات , والكثير من القوانين ايضا يجري تطبيقها دون ان تنطوي نصوصها على اية عقوبات .‏

فإذا كانت الخشية من العقوبة هي السبب في الالتزام بتنفيذ القانون كان وعي القانون متدنيا , واذا كان غياب العقوبة لايعيق تطبيق القانون كان الوعي متقدما وعاليا, ومثل هذه المفارقات يمكن تصنيفها في خانة معايير الحضارة ومقاييسها .‏‏‏

واذا كانت هذه المفارقة بين القانون ووعيه حاضرة وصحيحة , وهي كذلك بالفعل, فإن التعويل الكامل على سن القوانين كحلول , لايعود مجديا وذا نتائج تطابق المقدمات, لاسيما في القوانين التي تمس مباشرة العلاقة بين المواطن والدولة , وبالتالي , لايعود الحديث عن استكمال البنية القانونية والتشريعية لأية عملية تغيير او تحديث , كافيا للجزم بأن قطار التغيير بات جاهزا وماعلينا إلا الانطلاق وجني الثمار !‏‏‏

لذلك , فإن المستوى المتدني للوعي العام يجهض القانون , أي قانون , والمستوى المرتفع لذلك الوعي يثمر القانون ويبلوره سلوكا عاما , سواء حضرت عقوبة عدم الالتزام ام لم تحضر . ولعل هذا الامر ( المفارقة ) يدعونا جميعا , وخاصة مجلس الشعب , الذي يمكن اعتباره الرحم الاول للقوانين والتشريعات , للانتباه الى ضرورة التوازي بين مسارات الوعي العام او وعي الاغلبية على الاقل , وبين مسارات صوغ القوانين والتشريعات ونصوصها .‏‏‏

ليست هذه دعوة الى الهبوط بالقوانين والتشريعات الى مستويات الوعي المتدني, ولا الى الارتفاع التعسفي عن هذه المستويات وتركها , طالما ان الالتزام بتنفيذ القوانين رهن بمستويات الوعي , بل انها دعوة للارتقاء بالوعي ومستوياته الى حيث نرتب القوانين والتشريعات , أي البحث عن صياغات نصوص للقوانين والتشريعات تأخذ بالاعتبار مايتطلبه تنفيذها وتطبيقاتها من وعي عام , هو في المحصلة شرطها ومدخلها وإلا تحولت القوانين والتشريعات الى عابر سبيل لايلبث ان يحل حتى يرحل , وهذا شأن الكثير الكثير مما انجزناه من النواظم والقوانين حتى الآن !!‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية