|
مجتمع لشعب صبر حتى تألم الصبر نفسه.. لدموع أمهات عرجت دروبها في الوجنات.. لأيام خيرات ومناسبات وأعياد كنا ننتظرها بفارغ الصبر.. نتهيأ لها.. نحتفي بها نتبارك بلياليها وأيامها، بساعاتها ودقائقها.. قبل شهر من حلولها في ذاكرة الروح والجسد والوجدان..
أيام وأعياد ومناسبات شتى عاش طقوسها الشعب السوري بمسيحييه ومسلميه متعالين على الجراح بكل مفردات الحزن، ومهابة الموت، وهول المصائب فاقتصرت الاحتفالات على الصلوات والدعوات والقداديس جنباً إلى جنب في الجامع والكنيسة.. فمن الطبيعي أن ترى في سورية وحدها فقط الشيخ في الكنيسة.. والأب والمطران في الجامع والمسجد.. ومن الطبيعي أيضاً وفي سورية وحدها لخصوصية شعبها وتنوع أطيافها الدينية والسياسية أن ترى في الساحات أبناء الديانات السماوية يزينون المكان بتلاحمهم وعزيمتهم ووعيهم.. وطالما تحتفل اليوم بعيد الفصح المجيد الذي يبعث الطمأنينة والهدوء والراحة في النفوس الحزينة الآمنة في وطن الأمن والمحبة والسلام تدرك إلى حد كبير بأن شجرة عيد الميلاد لم تعد تقتصر في سورية على بيوت ومنازل المسيحيين وإنما أصبحت رمزاً موجوداً عند الجميع من أبناء هذه الأمة .. لأن اخضرارها يعني الحياة والحياة لاتستقيم إلا بالحب والتسامح والتلاقي والحوار والتعاون، وهذا مايميز الأمة السورية عن غيرها من باقي الأمم في الشرق والغرب. فأسماؤنا هي عنواننا.. وهويتنا ،هي انتماؤنا.. وعزتنا ،هي نبراسنا وشعبنا نسيج تلاحمنا.. والهلال والصليب يجمعنا وتراب الوطن يضمنا وجيشنا يحمينا وشبابنا عدة مستقبلنا.. ودموع الثكالى تحرق أحاسيسنا وصرخات أطفالنا توجعنا.. وأنين الآباء سيبقى وصمة عار في تاريخ الجبناء والقتلة الذين لايعرفون إلا الغدر والطعن والقتل وسفك الدماء؟! ماذ ا نقول في عيد الفصح المبارك؟ وهل بقي من كلام طالما الناقوس لاينام ولايهدأ رنينه حيث يسمع صوته ليل نهار، وطالما الأهالي ورجال الدين يؤدون الصلاة الجماعية في الكنائس والمساجد تخليداً للشهداء الكبار الذين رووا تراب هذا الوطن بدمائهم الزكية الطاهرة. إن الدعوات والصلوات والابتهالات الصادقة التي تطلقها حناجر السوريين كل يوم وساعة هي بلسم لجراحنا وهدأة نفوسنا، وشعور كل منا بالآخر في دائرة الوعي التي تجمعنا، هي كفيلة بإبعاد حقد الطغيان الأسود عن جسد أبناء هذا الوطن. فكل عام وسورية الوطن والأم تعيش فصحها وصومها وميلادها ورمضانها وأضحاها، وكل المناسبات والأعياد الوطنية والدينية وذكرى الآلام الاجتماعية بكل شموخ ومحبة وانتصار على الأعداء وهزيمتهم.. |
|