|
ثقافة
وانه في مرات عديدة يمشي فيه متهالكا.. يتوكأ بعصاه على حزن مضى ولا يريد الإفلات منه.. حزن ابتدأ بوفاة زوجته الشاعرة أمل الجراح، ولم ينته بوفاة ابنته الوحيدة لينا بعد رحيل والدتها بسنة، الكل كان يعرف قصة حبه لزوجته الراحلة.. لم يبق أسير حبها فقط.. بل أسير حقبة الستينات التي عاشها معها.. وكان طيلة الوقت يتغنى بفرادتها، وصدقها، نبض الستينات الأدبي لم يفارقه حتى في آخر أعماله الأدبية.. هذه المرة غادره الحزن إلى الأبد.. رحل عن اثنين وثمانين سنة في بيروت بعد معاناة طويلة مع مرض عضال.. لم يكن رفاعية يتوقع لنفسه مصيراً أدبياً أو عملاً في الصحافة، فقد كان يعمل صبياً في فرن والده، كما عمل مصلحاً للأحذية. كتب رفاعية مقالات وأجرى حوارات مع أبرز أدباء جيله. عمل رفاعية في الصحافة السورية واللبنانية والعربية، وبعد إدارته تحرير مجلة «المعرفة» السورية انتقل إلى بيروت عام 1961، والتحق بمجلة «الأحد»، ثم انتقل إلى صحف ومجلات أخرى. وفي أوج الحرب اللبنانية انتقل إلى لندن، وأمضى فيها نحو خمسة عشر عاماً، ليعود من ثم. ولمع الأديب، كما في الصحافة، في كتابة القصة القصيرة، وأصبح واحداً من كتابها الطليعيين. وتميّز أسلوب ياسين، بلغة سلسة وواقعية باهرة، لا تخلو من الدهشة والسرد الموجز. ومن أعماله: «الحزن في كل مكان»، «العصافير»، «العالم يغرق». وبعد تجاربه القصصية كتب الرواية، فاستوحى من أجواء الحرب اللبنانية، ثلاث روايات هي: «الممر»، «مصرع الماس»، «دماء بالألوان». مؤخرا كتب رواية بعنوان «سوريو جسر الكولا»، تناول فيها معاناة السوريين المهجّرين تحت جسر الكولا في بيروت، وشتاتهم. إلى ذلك، كتب رفاعية الشعر، ومعظمه في الحب، له قصائد عدة رثى فيها زوجته الشاعرة أمل الجراح، التي كانت رفيقته في الترحال، وهي عانت الكثير جرّاء مرضها المزمن. عاش رفاعية في السنوات الأخيرة انتكاسات صحية، وعلى سرير المرض كتب ثلاث روايات كانت هي الأخيرة. رحل هاربا من حزن..انتشت أعماله به طويلا.. وأعطته نكهته الخاصة، لاشك انه رحل وحرقة لاتفارقه فبلده سورية أصرت يوم رحيله على أن تغرق بدماء تفجيرات غادرة، تهين النفس البشرية بحقدها.. ولؤم كلما اعتقدنا انه تراجع..يفاجئنا بخبثه وشره اللامتناهي .. وكأن حصتنا من الحزن والخراب لم تكتف بعد..! غادر وترك اعمالا تخلده.. هرب من حزنه وألمه.. ربما بحث عن موت يليق به وبلقائه مع زوجته الراحلة -الباقية في روحه.. بعض الأحزان تجعلنا مكتملين في لحظة ما.. لست أدري ان كان قد عاش هذه اللحظة.. في حياته..أم بعد رحيله اليها..! هو رحل.. ولكننا نحن بقينا مع أصداء كل هذا الخراب والموت اليومي،الذي لايترك لنا مجالا لنحزن كما يليق الحزن بكاتب..بقي أسير جمال الستينات.. ولكن نحن نبحث عن حقبة نبقى أسرى لها.. بعد كل ألم قاتل يفتق آلاماً لانهائية.. وموتاً يسد منافذ الروح.. ! محطات في حياته - ولد ياسين رفاعية في دمشق في العام 1934، عمل صحافياً ومحرراً وأديباً في العام 1961، التحق بوزارة الثقافة السورية، وأسس مع فؤاد الشايب مجلة «المعرفة» وبقي فيها حتى سنة 1965. - عمل في جريدة «الثورة»، وكتب فيها زاوية أسبوعية، وبقي على تواصل مع الصحيفة حتى أيامه الأخيرة. - في العام 2006، كرّمته مدينة اللاذقية وسلّمته مفتاحها في مهرجان حاشد وبإشراف رئيس فرع «اتحاد الكتاب العرب» الروائي زهير جبور. - من أشهر قصصه: «الحزب في كل مكان» (1960)، «العالم يغرق» (1963)، «العصافير» (1974)، و«العصافير تبحث عن وطن»- قصّة للأطفال (1978)، «الرجال الخطرون» (1979)، «الورود الصغيرة» - قصّة للأطفال (1980)، «الحصاة» (1983)، و«نهر حنان» (1983). - في الشعر له: «جراح» (1961)، «لغة الحب» (1976)، «أنت الحبيبة وأنا العاشق» (1978). ومن أشهر رواياته: «الممر» (1978)، و«مصرع الماس» (1981)، «دماء بالألوان» (1988)، «رأس بيروت» (1992)، و«امرأة غامضة» (1993). ومن دراساته: «، و»رفاق سبقوا» (1989). |
|