|
الافتتاحيــة وإذا كانت المواجهة محسومة من حيث المبدأ، فإن النتائج لاتبدو كذلك، خصوصاً حين تترافق بهذا الكم الهائل من التطورات، والتي يبدو فيها البعث في قلب العاصفة السياسية والفكرية والايديولوجية التي لاتقتصر على المسار، بل أيضاً في صلب الوجود ذاته. والنقاط الجوهرية التي تثار اليوم لاتخلو من دلالة مهمة في اطار التشكيل الجديد لجبهات العمل وأطر الممارسة السياسية والحزبية في الآن ذاته، حيث تأخذ بعض الأصوات منحى متشدداً ومغالياً في طرحه، فيما ترتسم في الأفق أصوات أخرى تعتمد على جملة من المؤشرات، وهي ليست خارج السياق، كما أنها ليست اجتزاءً مؤقتاً أو مرحلياً، بقدر ماتعبر عن توجه فعلي ينفّذ في بعض عناوينه أجندات وسياسات مبنية أساساً على فرضية المواجهة أو في الحد الأدنى على قاعدة التصويب المباشر. لانعتقد أننا سنختلف على الأولويات التي تمليها المرحلة، بل ليس بمقدور أحد المزايدة في هذا الجانب، لكن ثمة مسارات جانبية استحدثت على عجل، أو هي خطت مساحاتها بشكل طارئ، ما يضفي على التحديات نوعاً ثأرياً، وبعضها ناري وفي أكثر من موضع. إذ تبرز إلى الواجهة جملة من الأسئلة المؤجلة أو المعلقة منذ زمن بعيد لتأتي الأحداث والتطورات لتعيد طرحها، وبشكل ملح وهو مايتطلب إجابة فعلية طال انتظارها. عند هذا الحدّ يمكن قراءة ملامح المواجهة.. وإن كان هناك رهان على النتائج، بحكم أن الإجابة التي نجزم سلفاً بتوافرها، والخيارات فيها متعددة ومقبولة وفق المعطى السياسي والظرف الاجتماعي، فإن المهمة الملحة جوهرياً هي البحث في تلك الإجابات وصولاً إلى تبين ظواهرها ومايقف خلفها. أما مايتعلق بشكل الطرح وآلياته، فثمة التباس حقيقي في فهم دوافعه وأسبابه، وهو ناتج بالضرورة عن صيرورة تاريخية أملت في حدها الأدنى الدفع بأدوات العمل قدماً دون النظر إلى الآليات التي تنتجها، ما خلق تراكمات كان من الصعب حسمها في لحظة تاريخية مبهمة الملامح، أو في حدها الأدنى ضبابية، بل أضيفت إلى العوامل الجوهرية التي أخّرت ذلك الحسم. على هذه القاعدة السياسية يرسم البعث مساراً جديداً.. تتحرك فيه أدواته بشكل مغاير رغم ما يثار حولها من غبار لمعارك مفترضة، إذ إن البعث الذي واجه في الحقب المختلفة تحديات متعددة ومتنوعة، لن يكون صعباً عليه كسب الرهان، وإن تطلب الأمر بعض الجهد الاستثنائي الناتج أساساً عن استثنائية المرحلة والظرف في الآن ذاته. البعث في ذكرى تأسيسه يتهيأ لخوض تجاربه الجديدة بتراكم الخبرات وفهم لتفاصيل التحديات وتوجهاتها، وبالقدر ذاته يستعد لرسم موقعه في الحياة السياسية وفق قواعدها الجديدة، بل برهانٍ على كسب الجولة، وهو الذي يمتلك أدوات ومفاتيح تصلح للعمل الآن وفي المستقبل، لكنها تحتاج بالتأكيد إلى كثير من التجديد ومن منطق إدراك الحاجة الملحة لإعادة تقييم الكثير منها وبالسرعة التي تحتاجها!!. |
|