تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مسرحية «مدينة في ثلاثة فصول».. اقتربنـــا او ابتعدنـــا.. قدرنـــــا يلاحقنــــــا..!

ثقافة
الأحد 13-9-2015
عمار النعمة

في العدوان على سورية لم يكن السوريون بمنأى عن الأزمة التي يمرون بها، فجسدوها في أعمالهم التلفزيونية والسينمائية والمسرحية وقدموا أعمالاً كثيرة تدل على إبداع السوريين عبر السنين.

وإذا ما أتينا إلى المسرح السوري فهو الحاضر في ظل هذه الأزمة التي تحيط بنا, فقدم العشرات من المسرحيات الهامة التي تصور الواقع وصمود السوريين... وآخر هذه المسرحيات هي مسرحية «مدينة في ثلاثة فصول» للمخرج الشاب عروة العربي، عن نص «احتفال ليلي خاص في دريسدن» لمصطفى الحلاج، أعده الفنان كفاح الخوص وأنتجته وزارة الثقافة - مديرية المسارح والموسيقا.‏

تحكي المسرحية قصة أشخاص محتجزين في قبو ملهى ليلي خوفاً من القصف الذي تتعرض له المدينة، بانتظار فرق الإنقاذ التي ستأتي لإخراجهم.‏

العمل في مجمله يشكل إسقاطاً واقعياً على الحالة التي يعيشها المجتمع السوري حالياً، من خلال جمع شرائح مختلفة في مكان واحد، قادتهم الأفكار وقسوة الموقف إلى تفكيرهم بالانتحار الجماعي وتنفيذهم لهذه الفكرة... وقد اعتمد العرض على الكوميديا السوداء، عبر تناول الشخصيات مع صعوبات الحياة وانعدام الطعام والشراب والخدمات وخاصة الكهرباء, بشكل كوميدي ساخر للتخفيف من وطأة الألم والعذاب والقصف والدمار وما إلى ذلك.‏

ولكنهم رغم كل شيء مؤمنون أن الموت ليس بالبعيد إن أراد أن يطال أحدنا, والرحيل والابتعاد عن الوطن لايفيد بشيء, فمَن ابتعد غرق في البحار واختنق في الشاحنات وتشرد في الجبال...الخ‏

المتابع لهذا العمل وغيره من الأعمال المسرحية السورية وكيفية إقبال الجمهور عليها يؤكد بروز تجارب جديدة في أروقة المسرح تسعى الى تكريس مفاهيم جديدة لشروط التلقي المسرحي بغرض إحداث نوع من التغيير في المفهوم التقليدي الراسخ للمسرح، فأداء الممثلين بالمجمل كان محكماً وشديد السيطرة على خشبة المسرح, المؤثرات الصوتية رغم صخبها الشديد الذي جاء لخدمة العرض لكنه يجعلك في حالة انجذاب للخشبة وقد زاد من الإيحاء بطبيعية ما يحدث...الخ.‏

مقتبس النص كفاح الخوص وفي تصريح خاص للثورة أكد أننا جميعاً نتمنى أن تتوقف هذه الحرب ويأتي فصل الانتصار الذي نشعر به الآن بعد مرور فصول كثيرة, وقد أقفلنا المسرحية بابتسامة جميلة دليلا على انتصار إرادة الحياة لدينا, وأن الشباب السوري متواجد ويداً بيد سنُنهي هذه الأزمة.‏

في الختام يمكن القول: إن المسرح ليس مجرد فرصة لرؤية عرض يأخذك في عوالمه المسرحية بعيدا عن كل ماهو واقعي.. بل هو فرصة لمزيد من الاطلاع على أعمال مسرحية ولدت من رحم الواقع تعيش معها وتعيش معك, يصنعها أناس لايزالون ساهر ين على مستقبل المسرح ويؤمنون أن المسرح رئة الشعوب تتنفس به وتحيا, فجاءت المسرحية لتؤكد قدرة المسرح على مس شغاف القلوب وتحقيق إرادة الحياة التي صنعها ويصنعها السوريون وحدهم.‏

ammaralnameh@hotmial.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية