تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


متى يستيقظ الغرب ويرتدع عن حماقاته..؟!

شؤون سياسية
الأحد 15-9-2013
 عبد الحليم سعود

لم تكن المواقف الاستفزازية الغربية والاتهامات الباطلة والملفقة المتعلقة بموضوع السلاح الكيماوي وقصة استخدامه المزعوم من قبل الحكومة السورية ضد شعبها في ضواحي دمشق لتفاجئ أحداً أو لتنطلي على عاقل،

فالغرب المتورط من رأسه حتى أخمص قدميه في العدوان والحرب على سورية يعرف تماماً من الذي استخدم الأسلحة الكيماوية ومن هي الجهة التي زودته بها، ويعرف تماماً لماذا استخدمت هذه الأسلحة المحرمة دولياً من خان العسل حتى غوطة دمشق ولمصلحة من، ولهذا لم يكن غريباً أن تسارع الولايات المتحدة الأميركية ومن في صفها من الحلفاء والتابعين الصغار والأدوات القذرة إلى استباق نتائج التحقيق التي تجريه لجنة دولية متخصصة بهذه القضية وإطلاق التهديدات ورسم السيناريوهات المختلفة للعدوان على سورية، في تعدٍ فاضح على مهمة اللجنة الدولية وانتهاك سافر للقانون الدولي.‏

غير أنه لم يكن في حسبان هذا الغرب المتعطش للعدوان والحرب أن سورية، ومعها أصدقاء وحلفاء أوفياء كروسيا وإيران والصين، واعية تمام الوعي لكل ألاعيبه الدنيئة وحيله المكشوفة، لتأتي المبادرة الروسية التي رحبت بها ووافقت عليها الحكومة السورية في هذا التوقيت جواباً لأوهام الغرب وطموحاته، الأمر الذي سحب ذريعة العدوان وأحرج القوى والأطراف المراهنة عليه من واشنطن إلى الرياض ومن باريس إلى أنقرة مروراً بتل أبيب، وألزم المجتمع الدولي بالبحث عن تسوية سياسية للصراع في سورية بعيداً عن التدخل العسكري الخارجي والاملاءات والشروط الغربية.‏

وبرغم التحليلات الهزلية التي تعكف عليها بعض القنوات الفضائية الخائبة جراء التردد والارتباك الأميركي والغربي، ومحاولات الاصطياد في الماء العكر من قبل بعض الأطراف العربية والإقليمية، فإن المبادرة الروسية وما قابلها من شجاعة سورية في الموافقة عليها وضعت الأمم المتحدة أمام استحقاق مهم وهو تخليص منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها الترسانة النووية الإسرائيلية التي تهدد أمن المنطقة والعالم، وإذا كانت الأسلحة الكيماوية قد شكلت في مرحلة من المراحل عنصر ردع لسورية في مواجهة عدوانية إسرائيل ومكافئاً موضوعياً لترسانتها النووية فمن الطبيعي أن توظف سورية عملية التخلص منها كأداة ردع للعدوان الأميركي المبيت ضدها، ومن غير الممكن أن تقبل سورية بأقل من هذا الثمن.‏

لقد بات واضحاً وجلياً أن الغرب وأدواته في المنطقة هم شركاء متورطون في العدوان على سورية جنباً إلى جنب مع الإرهابيين والمرتزقة الذين يتم تجنيدهم وتسليحهم وإرسالهم إلى سورية لارتكاب مختلف أنواع الموبقات والانتهاكات والفظاعات والمجازر، ولو كان الغرب صادقا مع شعوبه الرافضة للعدوان وتوفرت له أدنى نية لمساعدة سورية في التخلص من الإرهاب الذي يستهدفها لتلقف مسؤولوه مبادرة روسيا واستعداد سورية لتنفيذها بروح مختلفة وسلوك مختلف بدل حملات التشكيك والتجاهل التي يشنونها، ولكننا لا نتوقع من هذا الغرب الاستعماري غير ما صدر عنه من مواقف وأفعال لأن أكثر ما يهمه في منطقتنا هو أمن إسرائيل ونفط الخليج، وهذا ما أوضحه أكثر من مسؤول غربي على رأسهم الرئيس الأميركي باراك أوباما.‏

فالغرب الذي صدع رؤوسنا بالحديث المضلل عن معاناة الشعب السوري وتعاطفه الكاذب معه مارس شتى أنواع الضغوط عليه وفرض عليه أقسى العقوبات الاقتصادية دون تفريق أو تمييز بين معارض للحكومة أو موال لها بهدف إضعاف قدرة الشعب السوري على الصمود في مواجهة الأزمة التي يعيشها والعدوان الذي يتعرض له.‏

وقد تكون من المفارقات المضحكة والغريبة أن يحشد الغرب كل عدته وعتاده لمحاربة الإرهاب القاعدي في أفغانستان وأماكن أخرى ثم يقوم بدعم وتسليح وتصدير المجموعات الإرهابية المتطرفة التي تحمل نفس الفكر التخريبي المدمر إلى سورية بذريعة الدفاع عن الشعب السوري وحماية الأقليات وما إلى ذلك من ذرائع واهية، وإذا كان الغرب يعي ما يقوم به فتلك مصيبة وأما إذا كان لا يعي مخاطر سياسته الحمقاء فالمصيبة أعظم، ولا شك أن ثمناً باهظاً سيدفعه الغرب في حال استمراره بهذه السياسة وما أحداث 11 أيلول وما تلاها من أحداث سوى عينة بسيطة من المستقبل الذي ينتظره.‏

يتوهم الغرب أنه يملك القدرة على إدارة خيوط لعبته القذرة في سورية ولذلك يمضي في عدوانه ودعمه للإرهابيين التكفيريين غير آبه بالنتائج والتداعيات المحتملة، غير أن الوقائع تثبت عبثية هذه القراءة الخاطئة، فإذا ما نجح الإرهاب في سورية فستكون وجهته الأولى ضد المصالح الغربية في المنطقة والعالم، لأن الإرهاب الذي نحن بصدده يبحث دائما عن أعدائه وخصومه ولا تعنيه إقامة الدولة ولا المؤسسات وليس في أفكاره انتخابات أو حريات أو ديمقراطية، إنه فقط يتغذى على العنف والدماء كما هي حالة إسرائيل اليوم التي يدعمها الغرب، فهي لا تستطيع العيش دون حروب وأعداء ودماء، لأن السلام يقتل طموحاتها ويدمر غريزة العدوان لديها، لذلك هي تكره فكرة السلام وتضع في وجهها كل أنواع العقبات والعراقيل.‏

من الواضح أن الشعوب الغربية أكثر وعياً من حكوماتها ونخبها السياسية وهذا ما ترجمته استطلاعات الرأي الرافضة للعدوان على سورية، فمتى يستيقظ حكام الغرب ويعترفون بأخطائهم ويرتدعون عن حماقاتهم ، ومن ثم يلتحقون بإرادة شعوبهم قبل فوات الأوان..؟!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية