|
صفحة ساخرة ما إن دخلت البيت حتى اكتشفت أنه آيل للسقوط, ربما لأننا تركناه طويلاً دون عناية, وربما لأنه قديم يحتاج إلى ترميم حتى يصبح آهلاً للسكن وهكذا خفت أن أنام فيه مع أولادي فيسقط على رأسي ورأس أولادي, فقررت النوم في فندق, وذهبت إلى فندق قريب بنصف عمره فساومته..على أنني أريد البقاء في غرفة واحدة لمدة شهر واحد, فطلب مبلغاً دفعت نصفه سلفاً, وحملنا حقائبنا إلى الفندق. كنا خمسة, أنا وزوجتي وولدان وبنت, فاستهجن مدير الفندق أن ينام خمسة في غرفة في فندق, ونقض الاتفاق, ما اضطرني إلى استئجار غرفة أخرى بالشروط نفسها فأصبح لنا غرفتان, غرفة لي ولزوجتي وغرفة للأولاد, وبذلك تهلل وجه مدير الفندق بالبشر والفرح لأنه أخذ ضعف المبلغ الذي خصصته للمبيت في الفندق, وما إن استقرت بي الحال فيه حتى هرعت إلى مهندس أعرفه جاء معي إلى بيتي العربي وعاينه, وقال: يلزمك هدمه وبناؤه من جديد, قلت: دخيلك لاأستطيع, كل ما معي مبلغ من المال جمعته (شقا عمري) فهل تريد أن ندفع في البيت ما جمعته في الخليج وأبقى بدون مال? قال: هناك حل ما رأيك في أن أدعمه بدعائم وأرممه وبذلك تكون أنت وأولادك آمناً من سقوطه? قلت: كم يكلف تدعيمه? قال: يتوقف ذلك على الورشات التي سنتفق معها على العمل. -2- خلاصة الأمر كان لابد مما ليس منه بد, اتفقنا على التعاقد مع ورشة للتدعيم وأخرى للترميم وثالثة للدهان, كما اتفقنا على نزع المغاسل القديمة وأسلاك الكهرباء وأنابيب الصحية, وكل شيء تمام التمام, لكن الذي لم يكن في الحسبان مواعيد الورشات: اليوم أكل العامل أكلة »مقادم« جعلته يمرض أسبوعاً, وغداً عرس عامل آخر, وفي اليوم الثالث يتغيب عامل ثالث بدون أي عذر يختلقه. وهكذا مضت المدة المقررة ولم ينجز من عملية التدعيم إلا ربعها, والباقي ضاع بين كذب العمال, وتخلف أصحاب الحل والربط عن الوفاء بتعهدهم بأن ينهوا العملية في شهر ونصف! لقد مضى الآن شهران ولا يزال البيت آيلاً للسقوط, وأنا رائح وراجع استرحم ولا أحد يرد على استرحامي, ناهيك عن أن الاقامة في فندق والأكل في المطاعم يأتيان على نصف الميزانية. وبحسبة صغيرة أجريتها أنا وزوجتي وجدنا أننا سننفق جميع ما جنيناه من الدولة الخليجية على اجار الفندق وثمن الطعام في السوق والمدفوعات التي دفعتها للورشات.. فكدت أن أجن.. البيت بيتي ولاأستطيع أن أسكنه! -3- المهم اتخذت قراراً حاسماً أن أترك »الشقا على من بقى« فجمعت حقائبي وسقت أسرتي, زوجتي وأولادي أمامي, وذهبت إلى شركة الطيران.. هل تعرفون أنني دفعت ثمن تذاكر الطائرة العائدة إلى الخليج.. آخر ليرة في جيبي دون أن أحصل على بيتي, وبعد أن انفقت المال الذي جلبته وكان يكفيني حتى بقية عمري على الورشات التي لا تفي بوعودها..ومجنون يحكي وعاقل يسمع |
|