|
شؤون سياسية فمن الداخل المأزوم اقتصاديا وماليا واجتماعيا إلى الخارج المثقل بأعباء وخيبات وتراكم أخطاء وخطايا الادارة السابقة، وصولا إلى تحديات السمعة والمكانة العالمية لامبراطورية، كاد البعض يعتقد أنها وضعت حدا لنهاية تاريخ التنافس الدولي لمصلحة الاحادية العالمية! وقبل صدور نتائج الانتخابات الاميركية الاخيرة وفي غمرة المنافسة بين أوباما وماكين، نشرت مجلة نيوزويك الدولية قبل يوم من توجه الناخب الاميركي إلى صناديق الاقتراع، نشرت مذكرة موجهة من رئيس مجلس العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي رتشاردهاس إلى الرئيس الاميركي القادم عنوانها «العالم يترقب». تضمنت آراء ومقارنات مفادها أن أوباما سيرث أمة مأزومة دوليا، وتخوض حربين خاسرتين في العراق وأفغانستان وصراعا دوليا مفخخا تحت مسمى حرب الارهاب وانخفاض في قيمة الدولار وتراجعه عن عرش قيادة الاقتصاد العالمي، وأزمات اقتصادية كبرى في الداخل الاميركي، بل ملامح دعوات انفصالية وعدم استقرار وعدم اعتراف دولي بشرعية القطب الواحد، سياسيا ولا اقتصاديا، ناهيك عن تحديات التعددية القطبية، واخفاق المشاريع الاستراتيجية، سواء في مجال السيطرة على مصادر الطاقة وإمداداتها أم نشر القواعد العسكرية والاحلاف السياسية واخفاقاتها، وصولا إلى احباطات مستمرة ومتزايدة لعديد من ثورات الديمقراطية وخروج الكثير من الحلفاء والوكلاء من ميدان الولاء والخدمة سواء في العلن أو السر. وفي نظرة سريعة إلى أهم ما يؤرق الادارة الاميركية الحالية، وكيفية التعامل مع الازمات والتحديات الراهنة يمكن ملاحظة التالي: 1- تجد الادارة الاميركية نفسها ومن منطلق العودة إلى السكة الصحيحة والسليمة مضطرة لفتح قنوات الاتصال والحوار مع القوى التي صنفها المحافظون الجدد في عهد بوش بالشريرة، أو المتطرفة أو الاصولية أو الارهابية أو أعداء السلام وغيره من المسميات. وبدلا من خيار التطويع والعزل والاستهداف المباشر سواء بالحصار الاقتصادي أم السياسي والدبلوماسي أم استخدام القوة العسكرية المباشرة تحت لافتة الحروب الوقائية أو الاستباقيه، تضطر الادارة الاميركية إلى الحوار والعزل والاحتواء وتكفي تصريحات أوباما وزياراته الاخيرة سواء لتركيا أو دول اميركا الجنوبية أومشاركة في قمة الدول العشرين اواخر الشهر الماضي للتدليل على ذلك. 2- تواجه الادارة الاميركية اختبارا قاسيا في ميدان الصراع البارد مع روسيا، خصوصا في القوقاز- جورجيا- أوكرانيا- منطقة قزوين. فهي تعرضت لطرد أهم قواعدها العسكرية في آسيا الوسطى قاعدة (ميناس) القيرغزستانية، وها هو حليفها الاستراتيجي المدلل ساكشفيلي في حورجيا يتعرض لضغوط الثورة المضادة ومازال قابعا في قصرة الرئاسي يستمع لأصوات المتظاهرين ويتلقى رشقات البيض والحجارة والتوبيخ وكله أمل أن تنهض حليفته الاميركية لحمايته والابقاء على عرشه وليس بعيدا عن ذلك الحليف الآخر الاوكراني يوتشنكو المقبل على انتخابات رئاسية لن يكون له فيها نصف الأكثرية التي أوصلته إلى الحكم في ثورة البرتقال، وهناك في الحديقة الخلفية اللاتينية يسار كاشح وتمرد واضح حتى من الحلفاء البرازيليين والارجنتنيين وتكاد ثورة أميركا الجنوبية تطيح بكل ما تبقى من جدران الاستناد الاميركية على سور الحديقة الجنوبية تلك. 3- يمثل التحدي الكوري الشمالي وعودة بيونغ يانغ الى برنامجها النووي بعد اطلاقها لقمر اصطناعي واستخدام صواريخ متطورة بذلك وعجز مجلس الامن عن إصدار قرار واضح بعد الضجة الكبرى التي أثيرت حول هذا البرنامج والادارة الاميركية لاحول لها ولاقوة وهي في موقف لاتحسد عليه وخصوصا أنها الحريصة على ايجاد البدائل للتعامل مع التنين الصيني والقطار الهندي الروسي الصيني القادم. 4-تبدو منطقة الشرق الاوسط في قلب الحراك الايجابي لقوى ما سميت سابقا شريرة أو صاحبة مشروع الممانعة والمقاومة، والتي ساهمت بفضل مقاومتها في إفشال المشروع الاميركي هناك تبدو وكأنها كسبت الرهان حيث القوى الاقليمية الصاعدة وقوة الفعل التركي- الايراني واضحة، وغياب النفوذ الاسرائيلي، الذي أراد له الصهاينة والمحافظون الجدد أن يكون مركزيا وأساسيا في شرق أوسط جديد، رسم فيه لإسرائيل أن تصبح نجما وضاء وتدور حوله منطقة مظلمة، يعمل سكانها وشعوبها في حديقة التقدم والازدهار الاسرائيلي المنشود، وتكاد تلك الحديقة، تكون معرضة للخواء، وأرقام المهاجرين من اسرائيل في تزايد، وتخبط ساستها في تصاعد وبرامجها الانتخابية عسكريا وأمنيا إلى مزيد من الصراع والفشل.حتى بات العبء الاسرائيلي واضحا على الادارة الاميركية وأجندة البرامج التغييرية والاصلاحية لإدارة اوباما عبئا على اسرائيل لحد صدور تصريحات اسرائيليين تروج رغبة الاسرائيليين القطيعة مع تلك الادارة وإرسالها إلى الجحيم، ولاندري ما موقف تلك الادارة عندما تقرر حكومة اليمين المتطرف الحالية في إسرائيل شن أعمال عدوانية سواء على المقاومة الفلسطينية أم اللبنانية أم على ايران واستمرارها في رفض كل صيغ التسوية السلمية، وما مدى خطورة نتائج ذلك على المشهد السياسي الاميركي والسياسة الخارجية لإدارة أوباما. وكيف ستتعامل مع هذا الامتحان الصعب؟! أسئلة صعبة معقدة ،امتحان قاس حقا خيارات مؤلمة، فهل تنجح إدارة أوباما، وتخرج من عنق الزجاجة، أم إن عصر غورباتشوف أميركا قد بدأ وبسرعة تفوق مرات ما كانت عليه بيروستريكا غوربا تشوف السوفييتي!!؟ |
|