|
معاً على الطريق والمسلسل في الغالب دراما تنطوي على كل مظاهر الحياة الاجتماعية وعلى فكرة أو أفكار تتعين في مواقف بشر, وليس يهم ما نوعها, ويبدو لي أن رمضان لم يعد شهر صيام فقط بل شهر المسلسلات التلفزيونية, شهر بث الأفكار عبر المسلسل. ولما كان المسلسل وسيلة تشكيل وعي فإن السؤال مشروع إذ نطرحه في صيغة صريحة: هل الممثل مجرد أداة تقنية حيادية شأنه شأن الكاميرا..؟ يتقاضى أجراً وكفى الله المؤمنين شر القتال؟ أم أن الممثل موقف من الحياة, من المجتمع, من السياسة, من القيم..؟ وعندي أن أخطر ما يصل إليه الممثل النظر إلى نفسه كائنا حياديا وجيبا نهما. وأنا لا أتحدث هنا عن الدور الذي يضطلع به الممثل داخل المسلسل من حيث عمله في دور شرير أو خير بل من حيث وظيفة الدور في رسالة المسلسل عامة. فالمسلسل لا يقوم بوظيفة التسلية فقط, بل كما قلت يقوم بتشكيل وعي الناس, وهنا تبرز أهمية مضمون المسلسل والغاية المرجوة منه, والأيديولوجية المستثمرة في ثناياه. فهل من الحكمة مثلا أن يوافق ممثل على أن يلعب شخصية رئيسة أو غير رئيسة في مسلسل يدافع عن السادات وهو ناصري النزعة؟. هل مقبول من ممثل نجم أو غير نجم أن يقوم بدور ما في مسلسل يدافع عن قيم عصر الحريم؟. هل من اللياقة أن يتحول نجم ما إلى سلعة يستغلها الدولار النفظي للدفاع عن قيم البداوة؟. هل من الذكاء أن يزين ممثل شهير شخصية سيئة في التاريخ بدافع أيديولوجي أو ينال ممثل من شخصية عظيمة بدافع أيديولوجي أيضا؟. ومعترض يقول: إنك تصادر حرية الممثل وأنت المدافع عن الحرية؟. إني لا اصادر حرية أحد, بل لا أجد الحرية إلا باتخاذ موقف صادق من الحياة وفي الحياة. فليس مفهوما أبداً أن يقوم ممثل معروف بمواقفه التنويرية بالدعوى إلى الظلام في مسلسل هدفه الإظلام؟ ولهذا السبب فإن عددا من الممثلين الذين تربطني بهم صداقة يرفضون الاشتراك في مسلسل لا يتناسب مع موقفهم الفكري التنويري بعد قراءة النص. إنني لا أتحدث هنا عن المسلسلات التي هدفها تسلية الناس دون أن تحمل غاية أخرى, بل عن تلك التي تريد أن تؤكد قولا, موقفا, وتسعى لتكوين وعي بمرحلة, بشخص, بقيم. يجب ألا يخضع الكاتب والمخرج والممثل إلى ابتزاز الممول أبدا, وإلا تحول الممول إلى السلطة التي تتحكم بمضمون المسلسل وبطريقة إخراجه, بل وبلعب الممثل.. فكيف إذا كان الممول ينتمي إلى ثقافة الحريم والسلعة والحرام والحلال؟ |
|