تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فضاءات

ملحق ثقافي
الثلاثاء21/2/2006
تيسير بكسراوي

حلم يضيق، وآخر يتسع..ونحن نراوح في أزمنة متشابكة. يشلح الصباح عباءته، ويبدأ النهار بحركته المعهودة. أنتِ تذهبين!.. وأنا أذهب!.. والكلُّ في زمنٍ واحد يذهب.. ربما إلتقينا ذات ليلة. ذات صيف. ذات شتاء.. تراخينا، كما يتراخى الألم في مفاصل الأيام..

مرةً بكت عيوننا.تدحرجت مآقينا في زوايا هذا الوطن.. شربنا من غيمهِ. انتشى الحب في دواخلنا. انتشى البنفسج، وارتفعت عناقيد الصباحات، لتطاول الشمس في لحظاتها. غنت الحقول، بكل ما تملك من قوة، فأشرأب الحلم ليعلن ثورة لاينطفىء سعيرها ذات ليلة. بكت الصباحات الندية، وسافرت القصيدة،إلى بحارٍ مورقة وأغانٍ معطلة. يومها نسي الحلم اسمه.ونسيَ البحر لونه.. أتذكرين؟! يومها قلتِ: أحبكَ تشابكتِ الأحرف، وشع الوجه بالاحمرار. وهناك ..هناك في البعيد ولدت أجمل قصيدة. تناثرت حروفها ،في فضاءاتك المخملية الذاهبة الى جميع الاتجاهات المرئية وغير المرئية، الحالمة بالمساءات التي تأتي من عوالم النكهة والحب والصيرورة. أحبك. ويبقى وجهك عالقاً لسؤال، في أقبية المطارات، ومحطات الزمن الهارب منكِ واليكِ. تبحرين في كل المفازات. فتأتي اليك العواصم.. لتقول لك: كل القصائد المتسربلة الضائعة في غياهب وجودك. منذ أزمنة غير بعيدة تركت الحقول مواسمها.والساقية تركت خفها. والفضاءات، التي مازالت تبحث عنك،تخلت عن ضحكاتها. لترى العالم منكِ وفيكِ.. ياأيتها المتجذرة في حضن اللاءات. غزالات الماء والزعتر البري: تقول البلاد: عندما أرى غريباً أعرفه من ملامحه.. فأدرك طقوسه، وهالاته، وكناته. فتجوس في داخلي رغبة في أن أقبل العالم وأحتوي كل المسافات والمساحات تقول الغريبة: الطفل القادم من مئات السنين يدرك تواصله بي، فأنحني أمام وجوده لأنني أرى البلاد تكفكف دمعها فيه، فأنسى أنني أحببته. تراكضت المساحات الى المقاهي والصباحات أوقدت تنورها، لتنأى بالبعيد بُعداً وبالقريب قرباً.. وبشعرها الأشقر بللت الأرض أحزانها وجبلت الجبال وديانها لترى كل الغزالات تسير في وهادها تلملم عرائش وجودها وتروى قصة النبع الخائف من نفاد قوته تيسير بكسراوي‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية