|
رؤيـة وذاك الصوت الذي اخبرتني أمي رغم انها عاصرت حروبا.. الا انها لم تسمع له مثيلاً لقرب الانفجار من بيتنا، ربما لو اخطأت السيارة بضعة امتار قليلة وتجاوزت ساحة الحمام في اللاذقية لكان لنا حديث آخر.. ربما وربما.. آه ياوجع لاينتهي..! أكثر ما آلمني.. أن تلك اللحظات الفظيعة التي لانعرف فيها ان كان أحبتنا على قيد الحياة أم لا.. عاشتها امي وهي تقترب من السبعين.. وحدها.. انها شعرت ان قلبها قد توقف. ولم تعد تقوى على الوقوف وهي تنتظر عودتهم.. كانوا قد غادروا كل الى شؤونه..! حين قرأت بين الشهداء اسم ابنة خالة أمي هيام ذات السابعة والخمسين، العائدة من عملها في ضاحية بوقا الزراعية.. فلم تتمكن من اللحاق بعائلتها لتعد لهم الغداء كما كانت تفعل دوماً.. بعد الان كل منهم سيعد غداءه وعشاءه بمفرده.. ! تيقنت أن الموت في ثانية يطالنا أينما كنا..! كنت اعتقد انني تركتهم في أمان في منزلنا الذي تحميه بضع أشجار أزلية، في حينا الذي انتفضت منازله الصغيرة وتحولت بسرعة عجيبة الى ابنية ضخمة، ومع ذلك حافظ اهله على وداعتهم وهدوئهم.. الى ان اقتنصتهم تلك السيارة المفخخة بغدر لامثيل له.. وأصابت أحبتنا.. ها أنا أكتشف أن تمسكي بدمشق، المدينة التي تتفنن يوميا في لفظنا.. ونحن نتفنن في صبرنا.. وتمسكنا بها.. مجرد عناد عبثي..! كلما كنت اعود قادمة من دمشق وما ان أقترب من ساحة الحمام، حتى ادرك انني أصبحت في منزلي.. الساحة التي لاتبعد عن وسط اللاذقية سوى دقائق قليلة.. دائما تترك الباب مواربا لكل من يريد زيارتها.. ! هل سأتمكن ثانية.. أن أغفو بسرعة معتقدة انني أصبحت بأمان لانهائي..؟ لايزال ثقل يرزح على صدري.. لايزال ألم لايضاهى يخترقني.. الموت أينما كنا يبحث عنا.. سيارات مجنونة تلاحقنا.. وصراعات لانهائية تحاصرنا.. ياموتا يأبى ان يفارقنا.. هلا تركتنا قليلا.. علنا نتمكن من التقاط انفاسنا.. لنستعد لجولاتك اللانهائية..! |
|