تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القرار الوطني الصافي

إضاءات
الأثنين 7-9-2015
د. خلف المفتاح

في حديثه المهم لقناة المنار وفي معرض اجابته على سؤال حول الحل السياسي والمعارضة والرؤية السورية للحل اشار السيد الرئيس بشار الأسد الى أن أي حل سياسي للازمة يجب أن يأخذ في الاعتبار احترام السيادة السورية وقرار الشعب السوري وخياراته السيادية

وان يكون القرار الوطني السوري قرارا صافيا ولعلها المرة الاولى التي يشار فيها الى القرار الوطني بأنه صاف، فهذه مسألة تحتاج الى تسليط الضوء عليها فمن حيث المبدأ او من حيث الشكل يعتبر القرار وطنيا إذا صدر من جهة او مؤسسة وطنية سيادية وكان ناتجا عن ارادتها المستقلة ومعبرا عن مصلحة وطنية يستهدف تحقيقها ذلك القرار فلا يكفي أن يوصف القرار بأنه وطني بمجرد صدوره عن هيئة او مستوى قيادي او سلطوي دستوري فهذا من حيث الشكل، أما من حيث المضمون فيفترض أن يأتي تعبيرا عن ارادة وطنية مستقلة ويحقق مصلحة وطنية وتمليه اعتبارات داخلية لا خارجية ولكي يكون القرار كذلك لابد أن يكون مصدر القرار او جهته متحررةً من كل اشكال الارتهان او الضغوط او المؤثرات او الولاءات غير الوطنية ما يعني أن المركز القيادي الوطني بما يمثله من دلالات سيادية منقطع الصلة مع أي مؤثر خارجي أولاً ونابعاً من ارادة شرعية وحرة في اختياره بمعنى أنه منتج وطني بامتياز وهنا تصبح الجهة السيادية الوطنية معرفة بشرعية مصدرها الوحيد وهو الشعب وعبر آليات ديمقراطية معروفه وشفافة ما يعني بالمحصلة أن أي مؤسسة سيادية او عنوان سيادي لن يكون وطنيا وشرعيا وصافيا إن لم تكن مدخلاته ومخرجاته وطنية صرفة وبالعودة لما جاء على لسان السيد الرئيس بشار الأسد يمكننا القول إنه في ظل ما تواجهه سورية من تحديات وعدوان يستهدفها ويستهدف هويتها ونظامها السياسي وهويته وموقعه وموقفه تصبح المسألة عند بعض اطراف العدوان عليها هي كيف تستطيع استلاب أو مصادرة قرارها الوطني إن لم يكن بالإمكان اسقاط نظامها السياسي عبر الحرب والعدوان والارهاب وهذا لا يمكن أن يحدث ألا من خلال التدخل في شؤونها الداخلية عبر الحديث عن حكومة موسعة او توافقية او ما اطلق عليه هيئة حكم انتقالي هي تعبير مخفف عن حكومة وصاية او انتداب كونها تتشكل عبر توافق ارادات خارجية في المضمون وطنية في الشكل ما يفقدها الطابع الوطني بالمطلق وهذا يعني أنها ستعمل وفق ارادة القوى الخارجية التي انتجتها او فرضتها عبر الضغط السياسي والعسكري وغيره من اشكال التدخل الخارجي.‏

ان انتاج مؤسسات وطنية على اي مستوى كان هو عملية او سياق متصل من بداياته الى نهاياته وطني الشكل والمضمون والآليات والنتائج وأن اي دخول على مجرياته على اي مستوى كان يعني أنه اصبح مصابا بالشوائب ولوثه العامل الخارجي ما يعني أنه فقد صفته الوطنية والوطنية هنا هي قيمة مطلقة لا تعرف الأرباع والأنصاف والكسور وهنا يصبح الحديث عن منتج وطني سياسي حديث له ما يبرره وثمة امثلة عديدة على ذلك من حولنا، فهناك العديد من الحكومات في بلداننا العربية على الأقل هي في جوهرها وسلوكها وقراراتها انعكاس وتعبير عن مصالح دول وقوى خارجية اكثر بكثير مما هي تعبير عن ارادة الداخل ومصالحه انها اشبه ما تكون حكومات منفى للوطن وتوطين للخارج وهي تظهر بصورتها تلك عندما تصطدم المصلحة الوطنية او المصالح الوطنية بمصالح القوى الخارجية فتراها تتهرب من مواجهة الحقيقة وتبحث عن مبررات او تتذرع بأخطار وهمية لتخفي حقيقة ارتهانها للقوى الخارجية.‏

إن اختراق أي مؤسسة وطنية سواء كانت مؤسسة الرئاسة أم الحكومة والسلطة التنفيذية والقوات المسلحة في أي دولة من دول العالم بعناصر غير وطنية او مفروضة بفائض قوة الخارج او ضغوطه باشكالها المختلفة لن تنتج مؤسسات وطنية على اي مستوى كان وهنا لن يكون اي قرار تتخذه قرارا غير صافٍ وهذا يعني أنه غير وطني في مضامينه واهدافه.‏

إن الشعب اي شعب هو المصدر الوحيد للسلطة وشرعية أي سلطة تتحقق من خلال حرية الشعب في اختيارها اختياراً حراً ومتحرراً من كل اشكال التأثير المادي والضغوط الخارجية وهذا يقتضي بالنتيجة توافر مناخ نظيف وآمن وحر وشفاف يتيح أن يختار الشعب ممثليه بإرادة حرة ومستقلة وعبر آليات وطنية ودستورية ليستحق صفة الوطنية والشرعية.‏

khalaf.almuftah@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية