تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لا شيء يُحرج أميركا !!

البقعة الساخنة
الأثنين 7-9-2015
علي نصر الله

لو وجدت الأقلام النظيفة لكانت سجلت - للتاريخ فقط - أن نظاماً سياسياً ساقطاً كالنظام الأميركي لم يكن لينشأ ولم تكن الحياة لتُكتب له حتى الآن لولا أن العالم والنظام الدولي بات يشبه الولايات المتحدة،

أو صار مُستنسخاً عنها، يقبل ممارساتها، يُصفق لها ويلتحق بها، ولا يتجرأ حتى على التفكير بتوجيه الانتقاد لسياساتها غير الأخلاقية التي تتشارك معها بريطانيا وفرنسا ودول الغرب الاستعماري الخط العام المُنحط والتفاصيل الأكثر انحطاطاً.‏‏

ذروة الانحطاط الغربي وقمة انحطاط النظام الأميركي ربما تتجسدان اليوم على نحو شديد الوقاحة، يترجمها الساسة ودوائر صنع القرار بأميركا والغرب فعلاً منحطاً وعملاً يومياً أكثر انحطاطاً، لا ينظر الساسة فيه للخلف ولا يشعر الرئيس ومن حوله بالحرج مما فعله وقام به بالأمس، والأمثلة أكثر من أن تعد وتحصى.‏‏

النظام الأميركي خصوصاً والغربي عموماً يبدو كما لو أن شيئاً لم يعد يحرجه، ويبدوان معاً كما لو أن أمراً قانونياً أو أخلاقياً لم يعد يردعهما عن القيام بكل ما يتناقض مع القيم والقوانين والمبادئ، وإلّا فما معنى أن يدّعي الغرب وواشنطن حماية الديمقراطية والحريات ومحاربة الإرهاب، ثم يتحالفان مع أنظمة خليجية تعيش خارج العصر وتستمر بإنتاج الإرهابيين والفكر المتطرف الذي تنشره في جنبات الأرض؟!.‏‏

التزوير والتحريف والتلفيق والازدواجية والادعاءات الكاذبة، هي مصطلحات ومفردات العمل اليومي في الولايات المتحدة والغرب تتردد على المنابر وداخل القاعات، وينشغل بها القادة والمستشارون ومراكز البحث والاستخبارات لتطويع التقارير وفبركة الوقائع بما ينسجم مع المخطط والهدف، لا بما يقترب من الواقع وصوره وحقائقه، وتلك كذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق تشهد على الأمس القريب، فيما رزمة الأكاذيب التي تُروج حالياً حول (القاعدة وداعش) تنمو وتكبر كدليل وأنموذج على انحطاط الغرب وأميركا السياسي والأخلاقي.‏‏

ما من وقائع تُحرج أميركا، وما من حقائق مهما كانت دامغة وصادمة تردع الغرب، هذه هي الحقيقة الكاملة، ولو امتلك الغرب وواشنطن نظاماً سياسياً يتمتع بذرة أخلاق ويمارس الحد الأدنى من الديمقراطية، لكان اقتلع حكوماته وسياسييه وحاكمهم، ولكان أحدث انقلاباً ثورياً في المجتمعات الغربية التي تُحجب عنها الحقيقة وتُقدم لها بصورة أخرى مزورة، تماماً كما تُزور حقيقة السعودية وأنظمة الخليج، وتماماً كما تُزور حقيقة (إسرائيل) وقضية الشعب الفلسطيني.‏‏

الحرب المعلنة على سورية، والعدوان المستمر عليها كحدث بارز ربما يكون قد ظهّر تناقضات النظام الدولي من جهة، وأظهر عُهر النظام الغربي - الأميركي من جهة أخرى، لكنّه الحدث الذي سيسجل لسورية من خلال صمود شعبها قدرتها على تغيير وجه العالم ونظامه الدولي الذي قد لا يترك مساحة تلعب فيها أميركا والغرب من دون دفع الأثمان التي تتجاوز بكل تأكيد عتبة الإحراج.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية