تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


جلدات مجانية

أبجد هوز
الأحد 3/2/2008
معتصم دالاتي

قرأت في الصحيفة المحلية خبراً يقول إن مواطناً من سنغافورة حكم عليه بالسجن تسعة أشهر و خمس جلدات . لكنه تلقى ثماني جلدات بدل الخمس عن طريق الخطأ.

و بالرغم من أن المحكمة أقرت بالخطأ و أعربت عن أسفها ,و أن المدعي العام حاول التوسط طالباً السماح من المحكوم , إلا أن الرجل ركب رأسه و رفض التأسف و الوساطة و طالب بتعويض و قدره (209) آلاف دولار ثمن الجلدات الثلاث التي نالها ظلماً و عدواناً.‏

بعد قراءة الخبر , أحسست بآلام تسري في جميع أنحاء جسدي و حاولت أن أتذكر عدد الجلدات التي نلتها اليوم,و البارحة و أول البارحة,و في هذا الاسبوع , و متوسط عدد الجلدات في الشهر , و في السنة , ثم شطح بي الخيال حول العدد التقريبي للجلدات التي ينالها امثالي من المواطنين شهرياً , فتبين لي أن ذلك يحتاج إلى مؤسسة احصائية للوصول الى نتائج مقبولة .. فالراتب الذي نقبضه أول كل شهر هو مجموعة جلدات . و غلاء المواد التموينية , و الكهرباء و الماءإضافة الى انقطاعهما المتكرر هي أيضاً جلدات موجعة . و بعض تصريحات المسؤولين لا تخلو من هذا الفعل . و فقدان المازوت و الغاز و الحاجات الأخرى الضرورية . و أسعار العقارات والإيجارات ماذا نقول عن ذلك سوى أنها تجلد المواطن في عقر جسده . و التباين الشاسع بين الأحياء الراقية و الاحياء الشعبية , و الفرق أيضاً بين المواطن الذي يحتار كيف يبعزق ماله و لا يعرف مقدار ارصدته في البنوك المحلية و العالمية , و بين المواطن الذي بالكاد يحصل على قوت عياله , مع هذا و ذاك يتساويان في حمل لقب مواطن و بطاقتاهما الشخصيتان متشابهتان و يقبع اسماهما في سجل نفوس واحد , و بنفس الخط الرديء لموظف الأحوال المدنية .‏

أعود الى مواطن سنغافورة الذي طالب المحكمة بتعويض عن الجلدات الثلاث .. فأتساءل , لو أن واحدا منا رفع قضية إلى المحكمة يطالب بتعويض عما أصابه من جلد ... ترى بكم جلدة ستحكمه تلك المحكمة ?.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية