تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وجهة نظر...الغلاء المتصاعد.. رؤية في مواجهته !!

اقتصاديات
الأحد 3/2/2008
عصام تيزيني

اذا اعتبرنا ان الربح الفاحش للتاجر هو الشكل المبطن لغلاء الاسعار الذي ساد البلاد في الاونة الاخيرة فاننا ندخل بشيء من التشخيص الخاطىء لهذه الظاهرة وبالتالي يمتد الخطأ ليطول تفسير العجز الذي يقع فيه المواطن السوري تجاه هذا الغلاء

خصوصا اذا علمنا حجم الاتهامات التي تقذف بالجملة لقطاع الاعمال الخاص واعتباره المحرك الرئيسي لهذه الظاهرة.‏

ان الرؤية هنا يجب ان تذهب ابعد من هذا التحليل فنحن لا نزال نعيش مرحلة الوسط بين الاقتصاد المركزي الذي تتدخل الدولة في كل تفاصيله (وهنا يعنينا ما كانت تقوم به الدولة من فرض سعر مركزي على كافة السلع) وبين اقتصاد السوق الذي تبتعد الدولة عن تفاصيله وتلتزم فقط برسم الاستراتيجيات والتدخل حين الازمات (ما يعنينا هنا تحرير السلع وترك اسعارها لالية السوق) وبذلك نستطيع ان نستقرىء الحل وهو ان نساهم بالوصول الى الشكل الجديد للاقتصاد الذي يصبح فيه السعر رهنا لتدفق السلع وسهولة تداولها بالتالي كلما تدفقت السلع اكثر كلما ازدادت المنافسة وانخفضت حدة الاسعار.‏

حتى الآن كل ما سبق هو منطق اقتصادي معروف ولكن كيف لنا ان ندع هذا المنطق يأخذ مساره بالشكل الصحيح اعتقد انه لابد من تحقيق حزمة من الامور التي من شأنها مواجهة هذه الظاهرة المتصاعدة ولكن قبل ذلك لابد من التذكير بان الخطة الخمسية العاشرة والتي قاربت على الدخول في النصف الثاني من عمرها قد اعتمدت النهج الاقتصادي الجديد (اي اقتصاد السوق) وهذا النهج يعتمد بجزء كبير منه على القطاع الخاص بحيث تكون مساهمته ما يقارب ال 60% من اجمالي الناتج المحلي وبناء عليه فانه من المفيد ان يتحقق مايلي: مساعدة القطاع الخاص الذي يستثمر في التجارة على اختصار دورة رأسماله من خلال تسهيل عملية تداول السلع بدءا من الاستيراد وازالة العقبات التي تواجهه في منافذ الحدود من روتين وبيروقراطية وانتهاء بمنافذ البيع المباشرة والتي غالبا ما تتعرض لقيود ومضايقات تجعلها تطلب ربحا اكثر لترفع مداخيلها بالتالي فإن معادلة البيع الكثير والربح القليل تتحقق باختصار زمن دورة رأس المال.‏

مساعدة القطاع الخاص الصناعي على زيادة استثماراته بالصناعة من خلال تقديم سقف اعلى من التسهيلات لمن يرغب بانشاء مصنع ليصبح لدينا كم اكبر من المصانع تتنافس فيما بينها لتقدم الجودة والسعر الاقل. هنا لابد من الاشارة الى ان البندين السابقين قد وضع لهما بنية تشريعية تساعد على تحقيقهما ولكن ينقصنا المرونة والشفافية في التنفيذ. بالمقابل فانه لابد من العمل على رفع دخل المواطن ودعمه بدلا من دعم الغاز والمازوت الذي اصبح كابوسا يطول كل حرفة وصنعة.‏

اذا حققنا الامور الثلاثة السابقة مدعمة بنظام رقابي صارم من قبل الحكومة وفق قانون لضبط الية المنافسة وقانون اخر يضبط الاحتكار (وهما قيد الصدور) وبالتعاون الجاد والفعلي مع غرف التجارة والصناعة فاننا يمكن ان نحد من اثار هذا الغلاء والتخفيف من حدته وبذلك نكون قد حصنا المواطن من اثار الغلاء الناتج عن عبثية الادارة والرقابة والتنفيذ ووو..الخ ويبقى الجانب الاخر للغلاء المرتبط باسعار عالمية وتغيرات خارجة عن الارادة فإن ذلك من طبيعة الاشياء في الاقتصاد والتعامل معها لا يمكن ان يكون له قانون ولا رقيب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية