تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في الصحافة الإسرائيلية...كسروا الحصار واخترقوا الحواجز

ترجمة
الأحد 3/2/2008
أحمد أبو هدبة

استفاق العالم أمام مشهد تدفق مئات الألوف من أبناء الشعب الفلسطيني في غزة غالبيتهم من النسوة باتجاه معبر رفح على الحدود المصرية مع القطاع ,

يكسرون بوابات المعبر ويتجاوزون الحدود في خطوة اعتبرها المراقبون بداية لكسر الحصار الظالم على القطاع وخلق واقع سياسي وامني جديد , في حين بدت إسرائيل أمام هدا المشهد مرتبكة وفي حالة ذهول تام حيث وصف معظم محللي الصحف الإسرائيلية ما يحدث في غزة على انه فشل ذريع لسياسة الحصار الإسرائيلية- الأمريكية وقد ذهب بعض المحللين الإسرائيليين الى ابعد من ذلك للقول بان الاسراتيجبة الإسرائيلية في الجنوب قد انهارت تماما , لان الواقع في غزة ألان يختلف تماما عما كان عليه قبل هذا الحدث .‏

يديعوت أحرونوت: انهارت استراتيجيتنا في غزة‏

أما ردود الفعل الإسرائيلية الرسمية والشعبية فقد عبرت عن نفسها في اتجاهين متوازيين الأول يحمل مصر مسؤولية عما يجري في القطاع من نتائج وبالتالي دفعها الى إعادة إغلاق الحدود عبر التلويح بنقل المسؤولية عن القطاع لمصر, أما الاتجاه الثاني والذي يمثله أجهزة الأمن وجيش الاحتلال الذي يدعو الى صوغ استراتيجية جديدة بديلة لعلمها ان ما حصل في غزة يمثل سابقة خطيرة ستجبر مصر على الإبقاء على الحدود مفتوحة وهو أمر من وجهة نظر هذه الأجهزة يخلق واقعا سياسيا وامنيا جديدا يتجاوز السيطرة الأمنية الإسرائيلية لكن هناك دوائر إسرائيلية بدأت تبدي ارتياحا لأنها اعتبرت ان قرار مصر تمكين الفلسطينيين من دخول سيناء دشن فك ارتباط إسرائيل عن القطاع وبالتالي يعفيها من مسؤوليتها جراء احتلالها للقطاع لأكثر من أربعين عاما .بعض رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية شرعوا يبررون ما حصل على معبر رفح بقولهم : إن إسرائيل لم تفاجأ مما حصل بل كان مسألة وقت. و ان السلطات المصرية بقرارها تمكين الفلسطينيين من دخول سيناء إنما دشنت فك الارتباط (الإسرائيلي) عن قطاع غزة.‏

و أن في وسع المصريين الآن تحمل المسؤولية عن القطاع من ناحية المعونات الإنسانية, وأن حكومة حماس ستضطر إلى الاستعانة بالبنى التحتية المصرية لتزود سكانها الوقود والأغذية وسائر الإمدادات من دون الحاجة إلى الاعتماد على إسرائيل أو الادعاء بعد أن إسرائيل تفرض حصاراً على السكان.‏

وبدوره رفض نائب وزير الحرب الإسرائيلي الجنرال متان فيلنائي اتهامات معلقين عسكريين في إسرائيل بأن المخابرات الإسرائيلية فشلت في توقع سيناريو هدم الحاجز, وقال إنه شخصياً تناول قبل شهرين إمكان حصول ذلك, مضيفاً أن ثمة مزايا ونقائص في أحداث الأيام الأخيرة إحداها أن غزة تنفتح للطرف الآخر, ونحن نتوقف عن المسؤولية عن القطاع...‏

نحن نريد فك الارتباط عن القطاع, وهذا ما بدأناه قبل أكثر من عامين... وهذا ما يتواصل من خلال رغبتنا بوقف إمداد القطاع بالكهرباء والماء, وليحصل عليها من مكان آخر.‏

من جهته دعا وزير الإسكان زئيف بويم إلى إعادة احتلال محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الحدودي بالتنسيق مع مصر وأوروبا والولايات المتحدة,فيما صرح نائب وزير الخارجية الإسرائيلية مجلي وهبة إن قرار الرئيس حسني مبارك تمكين سكان القطاع من اجتياز الحدود باتجاه سيناء قد يكون مقدمة للحل... أي لانضمام القطاع إلى مصر, ولتتحمل الأخيرة المسؤولية عنه.ونقلت الصحف الإسرائيلية أن وزير الدفاع ايهود باراك تبنى توصية نائبه فلنائي بمواصلة الحصار الاقتصادي على القطاع من خلال الإبقاء على إغلاق كل المعابر الحدودية وتقليص كميات الوقود حتى إشعار آخر.‏

وتقرر تحديد الكمية ب 300 ألف لتر مازوت يومياً هي الحد الأدنى المطلوب لتفعيل محطة التوليد.من جهتها,تحدثت صحيفة هآرتس على لسان بعض المسؤولين الإسرائيليين عن بوادر أزمة في العلاقات بين إسرائيل ومصر, وسط اتهام الأولى بأن القاهرة تتعمد تجاهل مطالب إسرائيل الأمنية تماماً كما تصرفت في شأن المطلب الإسرائيلي المتكرر بمراقبة تهريب الأسلحة من سيناء إلى القطاع, بحسب مصدر في ديوان مكتب رئيس الحكومة. وكتبت الصحيفة أن غضباً يعم المستويين السياسي والأمني على تسليم مصر بهدم الحاجز الحدودي بين القطاع وسيناء. وكتبت المختصة بالشأن العربي سمدار بيري في يديعوت أحرونوت أن إسرائيل توسلت في الماضي لدى مصر والأردن بتقاسم المسؤولية عن القطاع والضفة, لكن البلدين العربيين رفضا ذلك, حتى جاءت حماس.‏

من جهته, نقل المعلق العسكري في الصحيفة اليكس فيشمان عن أوساط أمنية رفيعة المستوى رضاها عما حصل في معبر رفح وقولها إن ثمة فرصة رائعة لدحرجة المسؤولية عن القطاع إلى أعتاب المصريين, وليزودوا هم القطاع بالأغذية والوقود والكهرباء والماء... ها هو الحلم الإسرائيلي اللذيذ بالانفصال عن القطاع يمكن أن يتحقق... أمس بدأ فك الارتباط الحقيقي عن غزة.‏

وفي هذا السياق صرح مسؤولون في وزارة الحرب الإسرائيلية, لإذاعة الجيش الإسرائليي, إنّ أزمة معبر رفح خلقت جوّ أزمة بين إسرائيل ومصر.‏

وأشاروا إلى أنّ عدم تحرك القاهرة في هذه القضية يقوّي سلطة حماس في غزة ويوجّه ضربة قاسية جداً لسياسة العقوبات الاقتصادية التي يعتمدها رئيس الوزراء إيهود أولمرت.‏

تحليلات الصحف العبرية الرئيسية أجمعت على ان سكان غزة قد نجحوا بكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع الأمر الذي كشف عقم السياسات الإسرائيلية تجاه القطاع وحذرت في الوقت ذاته من تطور الوضع الجديد الناشئ في القطاع لصالح من أسمتهم قوى(الإرهاب والتطرف) وقال المحلل العسكري في صحيفة يديعوت احرنوت:( أن إسرائيل ستجد نفسها إذا ما تطور الوضع في غزة لصالح حماس والجهاد بين فكي كماشة من الشمال والجنوب )وذكرت صحيفة هآرتس أنّ إسرائيل تخشى من استمرار الوضع الحالي, وخروج القطاع عن دائرة السيطرة (الإسرائيلية), وتحسين وضع حركة حماس التفاوضي إزاء حركة فتح, إضافة إلى الخشية من دخول السلاح إلى القطاع من دون أي رقيب, مشيرةً إلى الخشية من صعوبة إعادة الوضع إلى سابق عهده, حتى وإن أقدم المصريون على إغلاق الحدود, لأنّهم سيضطرون مجدداً إلى فتحها, كلما نشأت ضغوط جديدة.وأضافت الصحيفة على لسان نائب وزير الدفاع فيلنائي لافتا إلى خيار إسرائيل التنصّل من مسؤوليّتها عن قطاع غزة كجهة محتلّة. وقال إنّ الدولة العبريّة تريد قطع صلاتها الباقية مع القطاع, ويجب أن ندرك أنه عندما تكون غزة مفتوحة على الجانب الآخر, فإننا لا نعود مسؤولين عنها.‏

غير أن كثيراً من الكتاب والمحللين الإسرائيليين يرون ان هناك قلقا إسرائيليا كبيرا ومتزايدا لما يجري الان في غزة فقد كتب كل من آفي يسخاروف وعاموس هارئيل في هارتس يقولان: أن لدى إسرائيل أسباباً وجيهة للقلق جراء ما حصل في القطاع بعد أن نجحت حماس في إفراغ خطة الحصار الاقتصادي الإسرائيلي على القطاع من مضمونها.‏

وتابعا ان إلغاء الحدود الفلسطينية - المصرية سيلزم إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية بلورة اتفاق جديد في شأن المعابر بين غزة وجارتيها (مصر وإسرائيل), وأي اتفاق كهذا سيكون رهناً بموافقة حماس.‏

واعتبرا عدم توقع الاستخبارات الإسرائيلية تفجير الجدار الحدودي إخفاقاً استخبارياً آخر يضاف إلى المفاجأة السابقة بفوز حماس في الانتخابات التشريعية قبل عامين, وإلى الهزيمة العسكرية السريعة التي ألحقتها الحركة بفتح. ورأى المعلقان أنه يتوجب على الاستخبارات الإسرائيلية درس تبعات هدم الجدار على شن عملية برية واسعة في القطاع, وعلى إمكان ان تكرر حماس التجربة في الحدود مع إسرائيل وترسل آلاف المواطنين إلى الكيبوتسات المحاذية للقطاع, وهناك أيضاً خوف متزايد من أن سقوط الجدار الحدودي يفتح المجال أمام خاطفي الجندي غلعاد شاليت لإخفائه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية