تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الغطرسة الأميركية تقود العالم إلى الهاوية

شؤون سياسية
الاثنين 9-9-2013
 د.أسد حمزة

بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وأحداث الحادي عشر من أيلول المفتعلة والمنسقة مع تنظيم القاعدة أصبحت الولايات المتحدة الأميركية أحادية القطب وسيدة العالم وانتهجت

سياسة العربدة والبلطجة والغطرسة ضاربة عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين الدولية وحولت الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحديداً إلى فرع تابع لوزارة الخارجية الأميركية ورسمت سياسة السيطرة على العالم ومن هنا جاء احتلال أفغانستان بحجة القضاء على القاعدة وطالبان كمصدرين للإرهاب العالمي ونشر الديمقراطية.‏

وجاء احتلال العراق تحت ذريعة القضاء على أسلحة الدمار الشامل التي أكدت الولايات المتحدة عبر مجلس الأمن ولجان التفتيش الدولية أن العراق أصبح خطراً يهدد السلام العالمي ولكن تأكد بعد احتلال العراق وتدميره وتفكيك جيشه ووحدته الوطنية وإشعال الحرب الطائفية وعلى لسان وزير خارجيتها كولون باول أن اتهام العراق بامتلاكه أسلحة الدمار الشامل ليس إلا أكذوبة وخدعة افتعلتها الإدارة الأميركية لاحتلال العراق وتدميره ولماذا العراق؟ العراق ليس لأنه يمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم لأن الشركات الأميركية هي التي كانت تستثمر النفط العراقي وتسوقه كما هي الآن في كل دول الخليج وبقية دول العالم وثانياً ليس لأن صدام حسين كان ديكتاتوراً لأن الولايات المتحدة آخر ماتفكر به في العراق تحديداً لأنه يشكل العمق الاستراتيجي للجبهة الشرقية إذاً هي تفكر لعشرات السنين مستقبلاً أن لايكون دولة ذات جيش قوي وإمكانيات اقتصادية هائلة توظف هذه الإمكانيات في مقاومة إسرائيل لأن وجود إسرائيل وأمنها هما الأولوية للإدارة الأميركية بعد سيطرة اللوبي الصهيوني على صناع القرار والخوف ثانياً من أن تنتشر عدوة الثورة الإيرانية إلى جيرانها ليس لأنها شعبية بل لأنها ضد المصالح الأميركية وضد النهب الأميركي والتبعية لأميركا.‏

والشيء اللافت للإدارة الأميركية ظهور المقاومة اللبنانية كحليف أساسي للثورة الإيرانية وسورية وتحقيقها الانتصارات المتتابعة ضد الكيان الصهيوني عام2000 و2006 فكانت هذه الانتصارات الشعرة التي قصمت ظهر البعير أي إن العد التنازلي للعدو الصهيوني آخذ في الهبوط ، كل هذا دفع بالإدارة الأميركية والكيان الصهيوني بالتفكير جدياً بتفكيك المنطقة وخاصة الدول المحيطة بالكيان الصهيوني وهناك المعاهد الاستراتيجية التي تعمل ليلاً نهاراً بوضع الخطط لتدمير الدول العربية فاختلقت مايسمى بالربيع العربي وهي أفضل وسيلة لخلق الفوضى والاضطراب في المنطقة العربية وباستخدام أمضى سلاح وهو سلاح الإعلام في تأجيج وتجييش كل متناقضات المجتمع العربي من النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية وقد نجحت هذه الأساليب في كثير من الدول العربية كتونس وليبيا ومصر واليمن وكانت القوى الاحتياطية للولايات المتحدة وإسرائيل جاهزة وهذه القوى الإخوان المسلمين والتنظيمات السلفية المتطرفة لتمزيق اللحمة الوطنية في الدول العربية وإعادة تقسيم المنطقة العربية من جديد إلى حكومات وإمارات إسلامية تكرس التخلف والاقتتال فيما بينها إلى مئات السنين كل هذا خدمة للكيان الصهيوني الذي بدأ منذ عام/2000/ بعد هزيمته في لبنان على يد المقاومة اللبنانية.‏

إن وجوده في خطر وللأسف الشديد لقد انخدع كثير من القوى الوطنية العربية بموضوع الربيع العربي وتحقيق الديمقراطية، لماذا تقول انخدعت لأن ليس لها تجربة في موضوع المعارضة وتسويق الإعلام العربي المتصهين بأن الولايات المتحدة هي من تناحر هذه القوى الوطنية ومن خلفها الدول الرجعية المتصهينة مثل قطر والسعودية وعاشت وماتزال تعيش هذه القوى على وهم أن الولايات المتحدة تريد الإنسان العربي ونشر الديمقراطية وصولاً إلى مبتغاه واصطدمت هذه السياسة الأميركية بالجدار السوري بأن سورية لم تكن من دول الربيع العربي الموالية للسياسة الأميركية بل هي من دول الممانعة والمقاومة للهيمنة الأميركية والصهيونية فكان لابد من خلق وجود فصائل مسلحة مدعومة بالمال الخليجي ومن بين هذه الفصائل جبهة النصرة والإخوان المسلمين مدعومةً ليس فقط من الإدارة الأميركية والرجعية العربية بل تشكل حلفاً تحت اسم أصدقاء سورية لدعم الفصائل المسلحة الإرهابية يضم/130/ دولة من الواقعين تحت الهيمنة الأميركية والصهيونية العالمية ولكن سورية شعباً وجيشاً وقيادة شكلت أسطورة في الصمود في وجه الغزوة الخارجية التي جمعوا لها كل مرتزقة العالم والقوى الظلامية والمتطرفة الذين أظهروا أنهم قتلة محترفون بلاقيم وأخلاق فكانت حربهم الظالمة مفتوحة، أي إنها استباحت كل شيء في سبيل تدمير الدولة السورية وتفكيك بنية المجتمع ولحمته الوطنية بخلق فتوى جهاد النكاح وماهوجهاد النكاح إنها تدمير المجتمع أخلاقياً والقضاء على الأسرة وتسويق الدعارة الحيوانية ويدعون أنهم مسلمون معاذ الله هم براء من الإسلام الحنيف بل هي فكرة ماسونية لتدمير المجتمع العربي الإسلامي ولكن سورية صمدت رغم الحصار الاقتصادي الظالم والمقاطعة السياسية هذا الصمود الأسطوري لسورية بدعم من حلفائها الحقيقيين مثل روسيا والصين ومنظمة بريكس وإيران قاد أعداء سورية إلى خلق ذريعة جديدة أسلحة الدمار الشامل وتحديداً الأسلحة الكيماوية فاستعملت في خان العسل وطلبت الدولة السورية من الأمم المتحدة تشكيل لجنة دولية للتحقيق في الانتهاك الخطير والذي أوقف هذه اللجنة هي الدول الغربية فرنسا وبريطانيا لأنهم يعرفون من استخدم هذا الكيماوي خوفاً من أن ينكشف أمرهم لأنهم هم من زودوا الإرهابيين بهذه الأسلحة وبعد خمسة أشهر شكلت اللجنة لكن بعدأن احتل الإرهابيون خان العسل ومحو آثار الأسلحة الكيماوية ونبش القبور وحرق الجثث لإخفاء الآثار نهائياً ومن جديد استعمل الإرهابيون وبدعم من الولايات المتحدة السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية في أول يوم تصل فيه لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في خان العسل لخلط الأوراق من جديد، وجاء هذا الاستخدام لتوجيه ضربة لسورية ولجيشها ومؤسساتها وإنهاء النظام حسب زعمهم لأن الجيش العربي السوري يحقق الانتصارات المتلاحقة ويلحق الهزائم بالإرهابيين في كل المناطق.‏

وتزعمت هذا الادعاء الولايات المتحدة بأن النظام السوري هو من استخدم الكيماوي استناداً إلى تقارير سرية مخابراتية دون العودة إلى مجلس الأمن وبالاستناد إلى تحقيق موضوعي مستقل.‏

بهذا أكدت أميركا أموراً كثيرة منها، أنها لاتتصرف كدولة عظمى تسعى إلى تحقيق السلم العالمي بل تتصرف كبلطجي عالمي دون أي ضوابط أو قواعد أخلاقية.‏

تصرف الولايات المتحدة هذا على أنها سيدة العالم دون اعتبار أن هناك قوى عالمية أشهرت الكرت الأحمر في وجهها في مجلس الأمن وهذه القوى روسيا والصين متناسية أن هذه القوى تشكل ثقلاً اقتصادياً وعلمياً وعسكرياً، وأن العربدة الأميركية قد ولت وانتهت سيطرتها.‏

والشيء المهم أن الولايات المتحدة ليس لها أخلاق فالكذبة التي أوجدتها في احتلال العراق لم تخجل لأجلها والتي مازال العراق يعاني من آثارها وسيعاني من آثارها لعشرات السنين، افتضاح أمر الولايات المتحدة عالمياً فإنها هي وراء دعم الإرهاب العالمي وتمويله بالمال والسلاح والتدريب خاصة تنظيم القاعدة في سورية والعراق ودعمها للإخوان المسلمين في تونس وليبيا ومصر وسورية .‏

إن حرص الولايات المتحدة وبكاءها على ضحايا الأسلحة الكيماوية في الغرطة الشرقية هو عهر سياسي وبذلك طبقت المثل الشعبي (قتلت القتيل ومشت في جنازته) لأن هذا البكاء والعويل والحملة الإعلامية العالمية من محطات سفك الدم ماهو إلا كذب وافتراء .‏

لأنه لاتوجد أدلة تثبت ذلك ولو كان لديها الأدلة لقدمتها إلى مجلس الأمن تحت غطاء الشرعية الدولية.‏

إن تعامل الإدارة الأميركية مع نهاية الحرب العالمية الثانية مع المجتمع هو تعامل عنصري ودولة خارجة عن القانون الدولي ولاتتعامل مع دول العالم إلا من خلال التبعية والعبودية والانقياد الأعمى للسياسة الأميركية مستغلة قوتها الاقتصادية والعسكرية ونهبها لثروات العالم إن كان في الوطن العربي أو في أميركا اللاتينية أو شرق آسيا.‏

والولايات المتحدة لم تكن في يوم من الأيام تسعى إلى تحقيق الأمن والسلام الدوليين بل بالإضافة إلى مصالحها تأتي مصالح إسرائيل وأمنها بغض النظر عما تجره هذه السياسة من أخطار على بقية الشعوب وهذا ماتأكده الأحداث من الأزمة السورية ودعمها للارهاب من تنظيمات تكفيرية وإخوانية ضاربة مصلحة شعوب المنطقة عرض الحائط ، المهم هو تأمين مستقبل إسرائيل بتدمير وتفكيك دول المنطقة العربية من خلال تلك النظرة العنصرية بأنهم أسياد العالم وتلك شعوب أشبه ماتكون بالهنود الحمر يجب القضاء عليهم .‏

إن الكذب والافتراء الأمريكي بتوجيه ضربة إلى سورية بحجة استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية دفع بكثير من الدول الأوروبية بأن تصحو من غفوتها وتمتنع من الانقياد الأعمى وراءها لأنها أدركت أن الولايات المتحدة تتصرف لا كدولة عظمى بل كدولة تسعى إلى زعزعة الاستقرار العالمي وجره إلى حرب عالمية ثالثة لا يعرف إلا الله كيف ستكون نهايتها ونتائجها .‏

وارتفاع الأصوات في العالم المنددة بالعدوان على سورية ما هو إلا إدراك من المجتمع الدولي أن الولايات المتحدة تنتهك القانون الدولي وتؤكد عدوانيتها خدمة للكيان الصهيوني .‏

بينما نلاحظ في الطرف المقابل تصرف القيادة الروسية المبني على ثبات المواقف والنظرة الموضوعية والاستقلالية تجاه جميع دول العالم بعدم التدخل في شؤونها إلا عبر المنظمة الدولية احتراماً لميثاقها وللقانون الدولي والكف عن العبث في مصائر الشعوب وتجنيب دول العالم من مخاطر الانزلاق في حروب طائفية وعرقية ومذهبية ومساعدة تلك الشعوب على المحافظة على استقلالها والتعامل معها الند للند، إن الإدارة الأمريكية لا تريد ان تتعلم وتأخذ الدروس من تجاربها الفاشلة فقد احتلت افغانستان للقضاء على القاعدة وطالبان وهي الآن تدعم القاعدة وتتفاوض مع طالبان من تحت الطاولة .‏

احتلت العراق وفعلت ما فعلت وخرجت من العراق مهزومة ما دفع بالرئيس أوباما للقول وداعاً للحرب الخارجية ، دعمت الولايات المتحدة الاخوان المسلمين في كل من تونس وليبيا ومصر وسورية وها هي مصر توجه صفعة تاريخية للإخوان وهذا ما أربك وفاجأ الإدارة الأمريكية فها هي تسير من مطب إلى مطب والمهم أنها لا تريد أن تتعلم .‏

إن الغطرسة الأمريكية قد تقودها إلى توجيه ضربة إلى سورية وبهذه الطريقة يمكن أن ينجر العالم أجمع إلى أتون حرب عالمية ثالثة غير عابئة بالعواقب الوخيمة عليها وعلى العالم كل ذلك إرضاء لغطرستها وإرضاء اللوبي الصهيوني ولعدم تقبلها للحقيقة المرة أنها لم تعد القوة الوحيدة في العالم وأن العالم قد تغير منذ 2003 وحتى العام 2013 وظهرت قوى جديدة على المسرح الدولي تستطيع أن تقول لها لا وترفع البطاقة الحمراء في وجهها .‏

هذه هي الولايات المتحدة وأتمنى أن يكون فيها من يصغي إلى صوت العقل وتجنب العالم حدوث الكارثة .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية