|
ثقافة فوصلت إلى كل الجبهات والساحات بما فيها الثقافة والإعلام ووسائل الاتصال، كي تكون عونا لهم في فرض سيطرتهم، فتحاربنا أساليبهم من الداخل عن طريق نشر أفكار وآراء وقيم باسم الحداثة والتطور، ساعية فيها إلى قلب المفاهيم والحقائق والمعتقدات بوسائل مدهشه،تغيم فيها الرؤية والمفاهيم تحت عناوينهم الإنسانية الكاذبة، من هنا فان المعركة أكثر شراسة، ومن هنا فان للفكر المقاوم وجهته الجديدة، وصلابته الأشد. • حول هذا تحدث الإعلامي والناقد (احمد علي هلال) قائلا: الفكر المقاوم هوالحامل لكل صيرورات ثقافة المقاومة وتنوع وتعدد أساليبها ونتاج فعالياتها المتصلة المنفصلة بان معا، وهذا الناتج النوعي لمقدار ما يؤسس في الوعي وفي الواقع الحي، بمقدار ما يقدم دلالة أكثر انفتاحا لما تعنيه مفردات وخطاب ثقافة المقاومة ومجتمع المقاومة، وبدلالة إضافية يبدوفيها الشرط التاريخي كثابت في منظومة المتغيرات المتسارعة، ولذالك فان إنتاج مفهوم الفكر المقاوم من الرؤيةإلى الواقع، هوقيمة مضافة تستدعي حقيقة تأصيل فكريا وواقعيا وقيميا وأخلاقيا ناجزا، لاسيما في لحظات التاريخ الفارقة، وانعطافاتها الكبرى، بوصفه وعيا يتغذى بأمثولات حية، ينصهر فيها ذلك الإرث الكفاحي العميق بمعطياته الجمة ليؤلف دالة الاستجابة والتحدي،الرفض والممانعة، والقدرة على الاستشراف الصحيح لما يعصف بالأوطان، لتتكامل ثوابتها إزاء المتغيرات العاصفة، وبهذا المعنى فان الفكر المقاوم هوصيرورة وعي أمة وشعب، وفقه خلاص مما يشكل نقيضا له وحربا عليه، أدواته كل وسائل التعبير والبيان التي تترجمها المواقف والأفعال الاستثنائية، ولطالما كانت الحرب وكان الاستهداف المباشر وغير المباشر على الفكر المقاوم وحوامله التاريخية، إن الفكر المقاوم في ماهيته العضوية والتأسيسية والنهضوية،لا يجوز اختزاله أوتجزئته أوجعله منفصلا عن فعاليات الوعي، كي لا يستقيل من الحاضر، ومن كبرى استحقاقاته الآن وهنا، فلا بد لمنتجيه من أن يستشرفوا تلك التحولات الخطيرة التي نمر بها، لاسيما من ذهب منها لشيطنة الفكر المقاوم، وكسر سياقه التاريخي بدعاوى زائفة يقودها مثقفوالاستعمار الثقافي، وتقنيوالنيوليبرالية، الذين سقط في وعيهم، أواسقط المفهوم الأصيل لفكر المقاومة، ليخيل لهم انه سقط بالتقادم، ولذالك رأيناهم كيف يسعون لتفكيك مفهوم الأدب الملتزم، وليس إحياءه بما يستجيب لشرط لحظتنا المعاصرة، وكيف يشككون بوعي شقي في انساق ثقافتنا بدعاوى رياح الحداثة وما بعد الحداثة، فلا يمارسون فكرا نقديا مسؤولا، بقدر ما يجلبون مصطلحات ومفاهيم وأفكار، يستنبتونها بالقوة في ارض الفكر وتربته. هم أحصنة طروادة بنسخة معاصرة، ليستهدفوا إنسان الفكر المقاوم ومنظومة وعيه التراكمي، وهذا ما يفسر كم التزييف والتوجيه الإعلامي الطليق, والأدل فيما ينتجه مثقفوالفورات العربية من فكر مضاد يخلط المفاهيم، على نحومقصود في غفلة الوعي، أولئك الذين ولدوا قسرا من خاصرة الأزمات والنكبات والمآسي، ومن حقبة الاستلاب وجاذبيته، المصابون بعقدة الخواجا الأمريكي والغربي، البارعون في ثنائية اللعب على المقدس والمدنس، وبمعرفتنا لموروثنا الكفاحي نقول انه كان أجوبة لأسئلة الراهن وتحدياته، أليست علاماته ناهضة الآن بما يقارب حالة أمتنا في أمثولات حقيقية صنعها يوسف العظمة وصالح العلي وسلطان الأطرش وعبد القدر الحسيني وعز الدين القسام وجول جمال وغيرهم الكثير الكثير، ألا يشتق منها فكر مقاوم يشكل التحدي لعناوين الغزووالعدوان، والاحتلال والإخضاع، فكر في أبلغ تعبيره نسيج امة وخلاصة وجدانها الجمعي، بالرغم من تلك المحاولات المستمرة لاجتثاثه من الوعي والسلوك، وعليه فان فكرنا المقاوم الآن في خندق المواجهة، ليس بوصفه حارس الثوابت الوطنية والقومية، فحسب وإنما هوصورة التحرر وعنوان الصمود وميزان النصر، فلا بد إذا من تأصيله في الوعي قبل السلوك، فالثقافة والتقانة رافعتهما المنظومة الأخلاقية والقيمية، واشتقاق تعبيراته من حراك الواقع، ويتأتى ذلك بتعميق الأساس الإبداعي للثقافة الوطنية، وتحرير المعنى من مفهوم فكر مقاوم، أي تكامل أدوات وأدوار المبدعين الحقيقيين في معركة المصير ومواجهة مشروع امبريالي أمريكي، يستهدف المقاومة في بنيتها وفي أفعالها التنويرية، ندرك أن سورية اليوم في قلب اشتباك ثقافي قبل غيره، فكيف يرتقي المثقفون الفاعلون ليلتقطوا لحظة تاريخية فارقة، ذلك هوالرهان الذي لن يصبح خاسرا على الإطلاق، وسينتقل من الإمكان إلى الفعل، لينتج فضاءه باتساع الرؤية، ليستعيدوا التاريخ الفاعل كما أحداثة العظيمة، إذن تحرير المعنى من فكر مقاوم هوتعميق الأبعاد المعرفية للثقافة الوطنية وتعزيزها، وتفعيل مفرداته لتصبح شكل حياة يومية مستقبلية، وأن تنهض مؤسسات الثقافة بمفهوم الرسالة التي تفتح آفاقا حقيقية للمواجهة، ومن ثم تحرير ماهية خطاب الثقافة ليستوعب أشكالها الجديدة، هنا ينفتح مفهوم فكر المقاومة على إستراتيجية النصر، لاسيما إذ تماهت قوة الحق وقوة المعرفة، واستنهضت أدوات قادرة لتعيد ثقافتنا إنتاج ذاتها، وتعيد الاعتبار لنفسها بوصفها أداة معرفة فاعلة. إن معنى المواجهة في هذا السياق هوفي القدرة على مواجهة الأخطار التي تهدد وجود شخصيتنا الثقافية وهويتنا، وهذا ما يفرض على مجتمعنا وطلائعه بإعادة تحديد لنفسه، لا أن تستقيل قواه الفكرية وتعلن اندحارها. المقاومة الثقافية جزء أساسي من المقاومة الوطنية، والتمسك بأفق المقاومة هوالبحث عن نبضاتنا بعيدا عن تحويل الثقافة إلى مجرد هوامش إعلانية.. إعلامية.! في خلاصة القول نؤكد أن فكرنا المقاوم بكل لحظاته وانعطافاته، يرفض الموت الذي يسعى العدوان الأمريكي والغربي إليه، لتكون الثقافة انتماء إلى تحدي مواجهة المستقبلي، وليكون فكرنا المقاوم محصلة لتجربة جمعية متعددة، ليولد موقف ثقافي جديد، إرهاصاته في التحولات المتسارعة وجبهته في مواجهة إعلام معاد، هتك ميثاق الشرف الإعلامي من نطق بالعربية زورا، تتسع وتمتد بتصالح الفكر والسلوك ونقض الحاجة لمثقف يكتفي أن يكون داعية فحسب، فالتجارب محك في مضمار التجربة التاريخية يجدد فكرنا المقاوم حضوره لان سورية هي حافز الصورة بل نبضها الذي تستعير منه الحياة قوتها وبلاغتها، وفي قلبها فلسطين كلمة السر في فكر مقاوم خط أفقه دمشق القدس تجتاحنا الفكرة لتخرج منا وتصبح صخرة.. الواقع كما آراء الكثير من المثقفين تؤكد على أن الفكر المقاوم الجديد، يتطلب معطيات عدة، أولها تطوير المفهوم الثقافي والفكري لدى المواطن،لأن الوعي هوالكفيل الوحيد بتحقيق الممانعة، ولابد من انتهاج برنامج يكرس هذا الفكر بإرادة وثبات جنبا إلى جنب امتلاك الأدوات القادرة على فضح أساليب الأعداء التي تجد طريقها لتشويه الحقائق والمفاهيم بسهولة،بحضور هذا الطغيان التكنولوجي والاتصالي الذي يعمم فوضى المفاهيم والحقائق، مما يتطلب التمسك بكل العوامل والمقومات التي من شأنها أن تدفع بهذا الاتجاه،وترسيخ الوعي والحذر من تسلل الأفكار أوالقيم أومفاهيم تترك أثرها على البنية الثقافية والفكر المقاوم، من إهمال الهوية أوالانتماء وإدخال مفاهيم تقلل من أهمية ثقافة المقاومة وتشتت وجهة الصراع تحت عنواني التطور والتغيير. |
|