تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لا شرعية للعدوان

الاثنين 9-9-2013
رفيق أحمد عثمان

يخطئ من يظن ان تفويض الكونغرس الامريكي لاوباما بالعدوان على سورية يعطي الشرعية للعدوان لان العدوان عمل ارهابي مدان وخاصة اذا كان ارهاب دولة.. دولة عظمى بقوتها وجبروتها وامكاناتها وصغرى بقيمها ومبادئها التي تحكمها عقيدة الطغيان والتسلط على شعوب العالم والهيمنة على مقدراتها وخيراتها،

ومتى كان القتل شرعيا اذا وافق اهل القاتل وعصابته عليه؟ وكذلك فهل يحتاج اوباما فعلا الى موافقة الكونغرس لشن الحرب على سورية؟ تطالعنا الصحف والدوريات ومواقع الشبكة العنكبوتية ان الولايات المتحدة شنت 130 حربا وافق الكونغرس على خمس منها فقط وهي التي عرضت عليه اصلا، ثم بأي عرف او شريعة او قانون يطلب رئيس الولايات المتحدة من سلطاتها التشريعية التفويض لشن عدوان على دولة اخرى ذات سيادة وهي عضو في المنظمات الدولية شأنها شأن الولايات المتحدة نفسها؟! واعتقد ان اوباما يريد ان يوحي للعالم ولشعبه بأن عدوانه على سورية سيكون ديموقراطياً.. عدوان ديمقراطي وصواريخ ديموقراطية وحاملات طائرات ديموقراطية.. ثم ان غوبلز وزير دعاية هتلر لا يصلح ان يكون تلميذا في مدرسة الكذب الامريكية وهو الذي يعتبر مؤسساً لهذه المدرسة، لقد فاق كيري وهاغل غوبلز بدرجات كبيرة لدرجة انهما في حملة التضليل والكذب والخداع ضد سورية جعلا العدوان عليها وكأنه انقاذ للبشرية من خطر محدق وبالتالي فالعدوان على سورية هو عدوان انساني اي اهدافه انسانية بحتة، وما ذلك الا خزعبلات وترهات يسوقها الامريكيون تسويغا للعدوان وسترا لعوراتهم الاجرامية المبيتة..‏

ان اولى الركائز التي يقوم عليها القانون الدولي وشرعة الامم المتحدة هي احترام استقلال وسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وصيانة الامن والسلم الدوليين، وبالطبع فان الولايات المتحدة الامريكية هي اكثر الدول تجاهلا لهذه الركائز وخرقا لها بل ان سياستها الخارجية تبنى على ماتتطلبه اطماعها ومخططاتها العدوانية وليس على معايير دولية انسانية او اي شرعية اخلاقية وهو ما تم التعبير عنه بـ مبدأ مونرو عقيدة مونرو والتي تعود الى الرئيس الامريكي جايمس مونرو الذي اصدر عام 1٨2٣ عقيدته القائمة على تعيين الولايات المتحدة وصية على مقدرات الامريكيتين والنصف الغربي من العالم مع منحها الحق الكامل للتدخل فيه وهو ما عبر عنه بشكل اكثر فظاظة فيما بعد المؤرخ والمنظر الامريكي هنري لويس صاحب نظرية القرن الامريكي الجديد بقوله :علينا القبول وبشعور ملؤه السعادة ما يشكل واجبا علينا و فرصة لنا باعتبارنا اقوى الدول واكثرها اهمية في العالم وبالتالي فرض نفوذنا الكامل خدمة للاهداف التي نراها مناسبة وبالوسائل التي نختار، وهذا ما ترجمه الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش «بتقسيمه العالم إلى محور الخير ومحور الشر» واعتماده نظرية الحرب الاستباقية ففي خطاب مهم لبوش بعد احداث 11 ايلول 2001 قال امام فوج جديد من خريجي أكاديمية وست بوينت العسكرية نحن نعيش صراعا بين الخيروالشر وامريكا لن تتردد بتسمية الاشرار بأسمائهم.. اذا ما اخترنا انتظار التهديدات حتى تكتمل فسنكون بذلك انتظرنا اكثر مما يجب وبدلا من ذلك على امريكا الاقدام على العمل الاجهاضي ولذلك فان التدخل في شؤون الدول هو مهمة دائمة للـCIAوبالبنتاغون والكونغرس وكل اجهزة الامبراطورية الامريكية وعلى رأسها وزارة الخارجية حماية لاطماعها الممتدة على ارجاء الكون، فبالاضافة الى المئات من حالات التدخل العسكري والعدوان والاحتلال التي قام بها الجيش الامريكي ضد دول العالم والتي مايزال بعضها شاهدا حتى اليوم كما في افغانستان هناك المئات من حالات التدخل الاستخباراتي في عشرات الدول بل لا يكاد يوجد بلد في العالم لم يتعرض لاعمال الـCIAالتآمرية والتخريبية القذرة لقلب نظام الحكم فيه وتنفيذ الاغتيالات او بث الفوضى وزعزعة الامن والاستقرار وعلى رأس هذه البلدان بلدان امريكا اللاتينية وجنوب شرق اسيا وبلدان المشرق العربي وايران، والكثير من بلدان القارة الافريقية، ان سياسة الولايات المتحدة الامريكية تصاغ في دوائر الكارتلات الاحتكارية العملاقة للمال والنفط والاعلام والسلاح، لذا فان السلطات التشريعية الامريكية ما هي الا سلطات تنفيذية في مجال السياسة الخارجية اذ ان اعضاءها منبثقون بالاساس عن تلك الدوائر الاحتكارية العملاقة وهامش الاستقلالية لديهم ضيق وبخاصة حينما يتعلق الامر بأمن اسرائيل والصهيونية وبالتالي فان على شعبنا الا ينتظر الكثير من وراء الكونغرس الامريكي وارضه القاحلة التي يندر ان تنمو فيها غير النباتات الصهيونية السامة، ان تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية هو تاريخ الغزو والحروب، تاريخ العدوان والهيمنة، تاريخ القهر والظلم، تاريخ القتل والتشريد، تاريخ الإمبريالية المتوحشة اللاهثة كشيطان مشوه، دمه النفط وهواؤه الغاز وإلهه الدولار الذي صاغوا على وجهيه عقيدتهم العنصرية الماسونية الصهيونية البغيضة.‏

إن الشعوب الحية التي تعرضت للعدوان الأمريكي المجرم لم تهن يوماً ولم تستسلم بل على العكس فقد كانت - رغم الآثار الكارثية للعدوان الأمريكي - تنتقل إلى مواقع متقدمة في النضال ضد الامبريالية الأمريكية وقوى الهيمنة والعدوان الأخرى وتفرض إرادتها السياسية والعسكرية عليها وهذا ما حصل في كل مكان طاله العدوان الأمريكي، ولئن شكلت سورية رأس الحربة في مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي المجرم في الماضي فهي اليوم وفي تصديها لهذا العدوان المسعور المستمر منذ سنوات مصممة على هزيمة الأعداء بشعبها الصامد وجيشها البطل وقائدها العظيم وهي قادرة على تحويل أحلامهم إلى أوهام «فسورية لن تكون ألعوبة في يد الغرب» وسورية التي «يتوقف على استقرارها استقرار العالم» مؤمنة مع قائدها الخالد بأن «الولايات المتحدة دولة عظمى، تستطيع أن تقتل وتدمر ولكنها لا تستطيع أن تسلبنا إرادتنا... ولا تستطيع قوة في الدنيا أن تهزم شعبا صمم أبناؤه على النصر).‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية